الذكاء الاصطناعى يهدد عرش محركات البحث التقليدية

لازالت آثار التنامي المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي وظهور الكثير من النماذج، يتسبب في تهديد واضح ومباشر لأدوات البحث على الإنترنت، ففي مطلع العام الماضي تقريبًا، بدأ ماثيو برينس الرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا كلاودفلير، تلقى اتصالات قلق من الرؤساء التنفيذيين لشركات إعلامية كبرى، بعد أن أخبروه أن أعمالهم تواجه تهديدًا إلكترونيًا جديدًا وخطيرًا نتيجة لنمو الذكاء الاصطناعي.
وتوفر شركة كلاودفلير، بنيةً تحتيةً أمنيةً لحوالي خُمس الإنترنت، فقد أكد ماثيو أن المدراء التنفيذيون، قد لاحظوا العلامات المبكرة لاتجاهٍ اتضح جليًا منذ ذلك الحين، يكشف عن تحول جذري يُحدثه الذكاء الاصطناعي في طريقة تصفح الناس للإنترنت، فعندما يطرح المستخدمون استفساراتهم على روبوتات الدردشة بدلًا من محركات البحث التقليدية، يحصلون على إجابات بدلًا من روابط لمتابعتها.
والنتيجة هي أن ناشري "المحتوى"، من مقدمي الأخبار والمنتديات الإلكترونية إلى مواقع المراجع مثل ويكيبيديا، يشهدون انخفاضًا مُقلقًا في حركة الزيارات وهو ما يهدد مصير محركات البحث التقليدية ويخفض الطلب عليها في المستقبل القريب .
في الماضي، كانت محركات البحث مثل جوجل هي البوابة الأساسية للويب، حيث تقود المستخدمين إلى مواقع الويب من خلال الروابط، ومع ذلك، فإن أدوات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT من OpenAI، وGrok من xAI، وPerplexity، تغير هذا النمط، هذه الأدوات لا توفر روابط فقط، بل تقدم إجابات مباشرة، غالبًا ما تستخلص المعلومات من مواقع الويب دون توجيه المستخدمين إليها مباشرة، على سبيل المثال، يمكن لـ Perplexity تلخيص مقال أو الإجابة على سؤال معقد بناءً على بيانات الويب، مما يقلل من الحاجة إلى زيارة المواقع الأصلية.
وتُظهر البيانات تأثير ذلك، ووفقًا لتقرير من Gartner، من المتوقع أن ينخفض حجم حركة البحث التقليدية بنسبة 25% بحلول عام 2026، حيث يحل الذكاء الاصطناعي التوليدي محل العديد من استفسارات البحث، هذا التحول يهدد نموذج الأعمال للناشرين عبر الإنترنت، الذين يعتمدون على حركة المرور لتوليد إيرادات الإعلانات أو الاشتراكات.
يعتمد منشئو المحتوى، من المدونين إلى الصحفيين، على زيارات المواقع لتحقيق الإيرادات، مع قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بكشط المحتوى وتقديمه مباشرة للمستخدمين، تتضاءل هذه الزيارات.
نماذج الاشتراك: تحولت العديد من المواقع الإخبارية، مثل The New York Times، إلى نماذج الاشتراك لتقليل الاعتماد على الإعلانات، ومع ذلك، فإن هذا النموذج يفيد في المقام الأول الناشرين الكبار، تاركًا منشئي المحتوى الأصغر في موقف صعب.
التشريعات: هناك دعوات لتشريعات تحمي حقوق منشئي المحتوى، مثل قوانين حقوق الطبع والنشر التي تفرض الترخيص الإلزامي لاستخدام المحتوى من قبل نماذج الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، فإن تطبيق هذه القوانين عبر الحدود أمر معقد.
البلوك تشين واللامركزية: تُقترح تقنيات مثل البلوك تشين لإنشاء أنظمة دفع دقيقة أو لامركزية تمكن منشئي المحتوى من تلقي تعويض مباشر عن استخدام محتواهم. ومع ذلك، فإن هذه التقنيات لا تزال في مراحلها الأولى. مستقبل الويب
السؤال الأساسي هو ما إذا كان الويب، كمنصة مفتوحة ومتنوعة، يمكن أن يستمر في ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي، هناك من يجادل بأن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إنترنت أكثر كفاءة، حيث يحصل المستخدمون على إجابات سريعة دون الحاجة إلى التنقل بين مواقع متعددة مليئة بالإعلانات، ومع ذلك، فإن هذا قد يؤدي إلى تقليص التنوع في المحتوى، مما يؤدي إلى إنترنت تهيمن عليه عدد قليل من منصات الذكاء الاصطناعي الكبرى.
في النهاية، قد تكمن الإجابة في إيجاد توازن بين الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي ودعم منشئي المحتوى الذين يشكلون العمود الفقري للويب، و بدون تدخل، قد يتحول الإنترنت إلى نظام بيئي مغلق يتم التحكم فيه من قبل عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا، مما يقلل من تنوع الأصوات والابتكار الذي جعل الويب نابضًا بالحياة.