هل يحق للطيار النوم أثناء الطيران؟ الإجابة الكاملة بالشروط والتفاصيل

يتساءل الكثير من الناس: هل من المسموح للطيار أن ينام أثناء الطيران؟ والإجابة هي: نعم، يُسمح للطيارين بالنوم خلال الرحلات الجوية الطويلة، ولكن وفق ضوابط صارمة وإجراءات أمان محددة تضمن سلامة الركاب والطائرة.
وفقًا لأنظمة السلامة الجوية المعتمدة عالميًا، يُسمح للطيارين بالنوم أثناء الرحلة عندما تتجاوز مدة الطيران 9 ساعات متواصلة، حيث أن هذه القاعدة تُطبّق عادة على الرحلات الدولية الطويلة، التي تتطلب طواقم طيران متعددة، نظراً لطول الزمن الذي تقضيه الطائرة في الجو.
لا يحدث نوم الطيار بشكل عشوائي أو بدون تنظيم، بل هناك قوانين وإجراءات واضحة لضمان ألا يؤثر نوم أحد أفراد طاقم القيادة على سلامة الطائرة. إليك كيف يتم تنظيم ذلك:
-
تقسيم فترات الراحة:
بعد مرور 10 دقائق من الإقلاع أو عند تجاوز الطائرة ارتفاع 10,000 قدم، يُسمح ببدء فترات الراحة، ويتم إنهاؤها قبل ساعة واحدة من موعد الهبوط المتوقع. هذه الفترات يتم تقسيمها بالتساوي بين أفراد طاقم القيادة. -
شرح مستجدات الرحلة:
عند انتهاء استراحة أحد الطيارين، يجب عليه قضاء 10 دقائق إضافية لتلقي آخر مستجدات الرحلة من زملائه في المقصورة.
لنفترض أن هناك رحلة من مطار بغداد الدولي إلى مطار نيويورك في الولايات المتحدة، وتستغرق الرحلة الجوية حوالي 12 ساعة، ففي هذه الحالة، يتم تعيين 3 طيارين على الأقل ضمن الطاقم، ويتم توزيع المهام فيما بينهم كالتالي:
-
الطيار الأول (Pilot Flying - PF):
يكون مسؤولًا عن عمليتي الإقلاع والهبوط. وغالبًا ما يكون هذا الطيار هو صاحب أقل عدد ساعات طيران، وذلك لاكتساب الخبرة تحت إشراف القائد. -
الطيار الثاني (Pilot Monitoring - PM):
يتولى مسؤولية متابعة أنظمة الطائرة وإدارة سير الرحلة أثناء الطيران. -
الطيار الثالث:
تكون مهمته الأساسية حساب وتنسيق فترات الراحة، بالإضافة إلى استلام المهمة مؤقتًا خلال تبديل الطيارين.
يتم احتساب فترة الراحة لكل طيار من خلال المعادلة التالية:
-
مدة الرحلة الكلية: 12 ساعة
-
خصم 10 دقائق بعد الإقلاع
-
خصم ساعة واحدة قبل الهبوط
-
المتبقي من الوقت القابل لتقسيم الراحة: 10 ساعات و50 دقيقة تقريبًا
-
عدد الطيارين: 3
-
مدة الراحة لكل طيار: حوالي 3 ساعات و27 دقيقة لكل منهم
هذا التقسيم يضمن بقاء طيارين على الأقل في مقصورة القيادة في جميع الأوقات، مع حصول كل فرد على فترة كافية من الراحة تضمن تركيزه الكامل عند عودته للعمل.
في الرحلات طويلة المدى، وخاصة على متن الطائرات ذات البدن العريض مثل:
-
بوينغ 787 دريملاينر
-
بوينغ 747
-
إيرباص A330
-
إيرباص A380
تتوفر غرف نوم صغيرة مخصصة لطاقم القيادة. تكون هذه الغرف غالبًا خلف أو فوق مقصورة القيادة، وتتميز بالخصوصية والهدوء، وتساعد الطيارين على النوم براحة خلال استراحتهم.
على العكس تمامًا، نوم الطيار خلال الرحلات الطويلة هو إجراء أمان ضروري، فالإرهاق الشديد يُعد من أكبر مخاطر الطيران، وقد يؤدي إلى ضعف التركيز وسوء اتخاذ القرار، لذلك، تُلزم شركات الطيران العالمية طياريها بالحصول على الراحة الكافية، وتضع جداول دقيقة للراحة والتبديل خلال الرحلة.
باختصار، نعم، يُسمح للطيار بالنوم أثناء الطيران، ولكن ضمن نظام منظم ومدروس بدقة لضمان أعلى درجات السلامة. هذا النظام يضمن بقاء الطيارين في أفضل حالاتهم الذهنية والبدنية طوال الرحلة، ويعكس مدى تطور صناعة الطيران وحرصها على حماية المسافرين.