كيف تعزز مصر الحركة الجوية والسياحة الدولية ؟

تشهد مصر في الفترة الأخيرة نموًا ملحوظًا في حركة السفر الجوي، مدعومًا بحالة من الاستقرار السياسي والأمني، إلى جانب خطة تطوير شاملة للبنية التحتية بالمطارات. 

وهذا الزخم في مشروعات التحديث وإشراك القطاع الخاص يعكس رؤية واضحة لزيادة أعداد المسافرين والسياح من مختلف الجنسيات إلى البلاد، سواء عبر الرحلات المباشرة أو خطوط الترانزيت.

فيما يلي عرض تحليلي لأهم العوامل التي تقود هذا التحول، والدور المنتظر للقطاع الخاص في إحداث نقلة نوعية في قطاع الطيران والسياحة.

العوامل التي تدفع نحو تنشيط الحركة الجوية والسياحية في مصر

1. الاستقرار السياسي والأمني

تحقيق درجة عالية من الأمن السياسي والاجتماعي خلال السنوات الأخيرة أسهم في رفع ثقة شركات الطيران والمسافرين في السوق المصري، كما أن هذا الاستقرار يُعدّ عنصر جذب رئيسي لإعادة فتح خطوط طيران دولية جديدة وتشجيع السياحة الوافدة.

2. التطوير المستمر لشبكة المطارات

تخضع العديد من المطارات المصرية لخطط تطوير وتوسعة تشمل تحديث البنية التحتية، وتوسيع الصالات، وتحديث أنظمة الملاحة الجوية والمراقبة الأمنية، حيث أن هذا التطوير يرفع من مستوى الجاهزية لاستقبال أعداد أكبر من الركاب ويُحسّن تجربة المسافرين.

3. تحديث المعدات وأعمال الصيانة

الاهتمام المستمر بأعمال الصيانة الدورية والتقنيات المتقدمة داخل المطارات (مثل أجهزة الكشف الأمني، أنظمة تتبع الأمتعة، والتشغيل الآلي للجوازات) يساعد على رفع الكفاءة التشغيلية وتقليل فترات الانتظار.

4. الموقع الجغرافي المتميز

تتمتع مصر بموقع استراتيجي يربط بين أوروبا، آسيا، وأفريقيا، ما يجعلها مركزًا مثاليًا للربط الجوي والعبور (الترانزيت). إلى جانب ذلك، فإن تعدد الوجهات السياحية (مثل البحر الأحمر، الأقصر، أسوان، وسيناء) يجعل المطارات المحيطة بها نقاط جذب لحركة سياحية نشطة.

 أهمية الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير المطارات

دخول القطاع الخاص في عمليات الإدارة والتشغيل لا يُعدّ رفاهية، بل ضرورة لتعزيز كفاءة الخدمات، وتحقيق أقصى استفادة اقتصادية من قطاع الطيران والسياحة، ويشمل ذلك:

• تحسين جودة الخدمات

بفضل معايير التشغيل العالمية التي تعتمدها الشركات الخاصة، يمكن تحقيق تحسّن ملحوظ في جودة الخدمات المقدمة للمسافرين داخل المطارات، سواء في الإجراءات أو المرافق أو مستوى النظافة والراحة.

• رفع الكفاءة التشغيلية

القطاع الخاص يمتلك مرونة وسرعة في اتخاذ القرار، ما ينعكس على تحسين أداء المطار، وتقليل الازدحام، وزيادة القدرة على استقبال الطائرات والركاب على مدار الساعة.

• جذب المزيد من الخطوط الجوية

عندما تتوافر مرافق تشغيلية متطورة وتجربة راقية للمسافرين، تصبح المطارات أكثر جاذبية لشركات الطيران الدولية، التي تبحث عن محاور جديدة لرحلاتها المباشرة أو خطوط الترانزيت.

• تحفيز الاستثمار السياحي

تحسين البنية التحتية للمطارات يشجع على إنشاء فنادق ومرافق خدمية مجاورة، ما يُزيد من الطاقة الاستيعابية للسياحة ويُنشّط الاقتصاد المحلي في المناطق المحيطة بالمطارات.

 المبادرات الجارية لتطوير شبكة المطارات

• تطوير وإدارة المطارات الكبرى

تم إطلاق مشروعات توسعة لعدة مطارات رئيسية، تشمل إنشاء مبانٍ جديدة للركاب، وزيادة عدد البوابات، وتحسين مناطق الهبوط والإقلاع، بالإضافة إلى تحديث المرافق الخدمية.

• إشراك القطاع الخاص في التشغيل

تم فتح الباب أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي لتولي عمليات التشغيل والإدارة لعدد من المطارات وفقًا لنظام الشراكة، مع الحفاظ على السيادة والملكية الكاملة للدولة.

• تحسين تجربة المسافر

تركيز الدولة على تسهيل إجراءات الدخول والخروج، من خلال تسريع إنهاء الجوازات، وتوفير وسائل مواصلات سهلة وآمنة من وإلى المطارات، يدعم الجاذبية السياحية للوجهات المصرية.

• دعم خطوط الطيران منخفضة التكاليف

تشجيع الشركات منخفضة التكاليف على تشغيل خطوط منتظمة إلى مصر يساهم في فتح الأسواق الجديدة وزيادة حجم الزائرين، خاصة من أوروبا وآسيا.

النتائج المتوقعة على الاقتصاد وحركة السياحة

إذا استمرت جهود التطوير والتوسعة بهذه الوتيرة، فمن المتوقع أن تُسجل مصر نموًا كبيرًا في قطاعي السفر الجوي والسياحة، ويتمثل ذلك في:

• ارتفاع عدد الركاب القادمين والمغادرين عبر المطارات المصرية إلى أكثر من 70 مليون مسافر سنويًا في السنوات المقبلة.

• تحقيق قفزة نوعية في السياحة الوافدة، خصوصًا من الأسواق التي سيتم ربطها مباشرة بالمطارات المصرية.

• تنشيط الحركة الاقتصادية والخدمية في المناطق المحيطة بالمطارات، وخلق فرص عمل جديدة.

• تعزيز السياحة الداخلية عبر تطوير الرحلات بين المطارات الإقليمية وربط الوجهات السياحية ببعضها البعض.

 التحديات التي يجب تجاوزها

رغم التقدم، ما زالت هناك بعض العقبات التي يجب التعامل معها لضمان استمرار الزخم في النمو:

• توفير التمويل الكافي لاستكمال مشروعات التطوير والتوسعة.

• تبسيط الإجراءات الحكومية أمام المستثمرين وشركات الطيران.

• التنافس الإقليمي القوي من بعض الدول المجاورة التي تستثمر في قطاع الطيران بشكل كبير.

• ضرورة تسويق المطارات المصرية والوجهات السياحية بفاعلية في الأسواق المستهدفة حول العالم.

 توصيات لتعزيز الحركة الجوية والسياحية

1. إطلاق حوافز ضريبية وتشغيلية لشركات الطيران التي تفتح خطوطًا جديدة إلى مصر.

2. تشجيع الشراكات طويلة الأجل مع شركات إدارة المطارات العالمية، مع ضمان جودة الخدمة ونقل الخبرات.

3. الاستثمار في البنية التحتية للنقل الداخلي لربط المطارات بالمدن والوجهات السياحية بسلاسة.

4. تطوير الخدمات الرقمية داخل المطارات، بما في ذلك أنظمة الدفع، الحجز، وإنهاء الإجراءات الذاتية.

5. تنفيذ حملات تسويق عالمية تُبرز ما تقدمه مصر من مزايا سياحية فريدة، ومستوى مطارات حديث.

مصر أمام فرصة ذهبية لتصبح مركزًا إقليميًا للحركة الجوية والسياحة، خاصة في ظل الاستقرار الداخلي، وحجم الاستثمارات الجاري ضخها في قطاع الطيران، كما أنه بفضل استراتيجية تطوير المطارات وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص، يمكن لمصر أن تجذب مزيدًا من الجنسيات وتُحقق طفرة اقتصادية في مجال السفر والسياحة.

هذا وإن بناء مطارات على أعلى مستوى، مع خدمات راقية وربط جوي مباشر بأسواق العالم، ليس فقط يعزز الحركة الجوية بل يُرسّخ مكانة مصر كوجهة أولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للسياحة والاستثمار.