رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

في مطار أجاكسيو الفرنسي: المراقب الجوي نام وترك الطائرات تحلق في الجو

السبت 20/سبتمبر/2025 - 09:47 ص
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

شهد قطاع الطيران المدني في فرنسا حادثة غريبة مساء الإثنين الماضي أثارت جدلاً واسعًا بين العاملين في مجال الطيران والمسافرين على حد سواء. ففي مطار أجاكسيو (AJA) بجزيرة كورسيكا، حيث نام المراقب الجوي المسؤول عن إدارة الحركة الجوية، مما أدى إلى ترك طائرة تابعة لشركة طيران كورسيكا قادمة من باريس تحلق في الجو دون أي استجابة من برج المراقبة لفترة تجاوزت النصف ساعة.

الطائرة من طراز إيرباص A320neo وتحمل تسجيل (F-HXKJ) أقلعت من مطار باريس أورلي (ORY) باتجاه مطار أجاكسيو. وعند اقترابها من أجواء الجزيرة، حاول الطاقم مرارًا التواصل مع برج المراقبة لتنسيق الهبوط، إلا أنهم فوجئوا بعدم وجود أي رد. 

ومع استمرار الصمت من المراقبة الجوية، قرر الطاقم التحليق فوق البحر الأبيض المتوسط على ارتفاع 15 ألف قدم في انتظار حل الأزمة.

ظلت الطائرة في وضع الدوران "Holding" فوق البحر لما يقارب 35 دقيقة، بينما كان الركاب في حالة ترقب وقلق. وأمام خطورة الموقف، قرر الطاقم التواصل مع فرق الإطفاء الموجودة في المطار لإبلاغهم بعدم تجاوب برج المراقبة. 

وبدورهم، تواصلت فرق الإطفاء مع الشرطة الفرنسية، والتي سارعت للتوجه إلى غرفة المراقبة الجوية للتحقق من الوضع.

عندما وصلت الشرطة إلى غرفة المراقبة، تبين أن المراقب الجوي قد غلبه النوم أثناء نوبة عمله حيث تُعد هذه الحادثة سابقة خطيرة تثير تساؤلات عديدة حول ضوابط السلامة الجوية وإجراءات العمل في المطارات الإقليمية . 

كما أن تدخل الشرطة سمح بعودة المراقب إلى عمله في اللحظة الأخيرة، حيث كان من المقرر أن تصل طائرة أخرى من طراز بوينغ 737-800 قادمة من مارسيليا.

تزامن استيقاظ المراقب مع اقتراب الطائرة القادمة من مارسيليا، والتي واجهت هي الأخرى تأخيرًا طفيفًا بسبب الموقف. 

وبفضل التدخل السريع للشرطة والطواقم الأرضية، تمكنت الطائرتان من الهبوط بأمان، لكن الحادثة أثارت مخاوف كبيرة بشأن كفاءة وإدارة برج المراقبة في المطار.

أثارت الواقعة ردود فعل واسعة في الأوساط الفرنسية والدولية، حيث اعتبرها خبراء الطيران المدني مثالًا خطيرًا على غياب الرقابة الصارمة. 

وأكد بعض المختصين أن نوم المراقب الجوي حتى لو لدقائق معدودة يمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة الركاب والطائرات، خصوصًا أن المراقبين هم خط الدفاع الأول لتنظيم حركة الملاحة الجوية ومنع الاصطدامات.

يرى محللون أن هذه الحادثة تبرز أهمية تعزيز إجراءات السلامة الجوية عبر:

  • زيادة عدد المراقبين الجويين في النوبات الليلية.
  • تطبيق آليات رقابة إلكترونية لمتابعة يقظة المراقبين أثناء العمل.
  • توفير برامج دعم نفسي وبدني للمراقبين لتجنب الإرهاق.
  • تعزيز التنسيق بين الطواقم الجوية والأرضية لتفادي الكوارث المحتملة.

الحادثة في مطار أجاكسيو ليست الأولى عالميًا، إذ سبق تسجيل حالات مشابهة في مطارات صغيرة ببعض الدول الأوروبية والأمريكية، إلا أن هذه الواقعة لفتت الأنظار بشدة نظرًا لمكانها في واحدة من الوجهات السياحية الشهيرة بجزيرة كورسيكا.

كما ويرى الخبراء أن الحلول التقنية مثل الأنظمة الآلية للتحكم في الهبوط قد تقلل من آثار مثل هذه الأخطاء البشرية.

رغم خطورة الحادثة، أكدت شركة طيران كورسيكا أن ركاب الرحلة لم يتعرضوا لأي خطر مباشر، مشيرة إلى أن الطائرة كانت على استعداد للهبوط في مطار بديل حال استمرار الأزمة. كما أوضحت أن الطاقم تعامل باحترافية كاملة مع الموقف وطبق الإجراءات الاحترازية المعمول بها في مثل هذه الحالات.

تفتح هذه الواقعة الباب لمراجعة معايير العمل في المطارات الإقليمية، خاصة تلك التي تعتمد على عدد محدود من المراقبين في النوبات الليلية. فسلامة الطيران لا تتحمل أي نوع من التهاون أو الأخطاء البشرية، إذ أن أي خلل بسيط قد يؤدي إلى كارثة كبرى.

هذا وتؤكد واقعة نوم المراقب الجوي في مطار أجاكسيو الفرنسي أن سلامة الطيران المدني مسؤولية مشتركة تتطلب يقظة دائمة وتطبيقًا صارمًا للمعايير الدولية، حيث أنه ورغم أن الطائرتين المعنيتين تمكنتا من الهبوط بسلام، إلا أن الواقعة تمثل جرس إنذار يدعو إلى مراجعة شاملة للسياسات التشغيلية وتدريب المراقبين الجويين على أعلى مستويات الانضباط.

                                           
ads
ads
ads