طائرة نتنياهو تتجنب الأجواء الأوروبية خوفًا من الاعتقال.. مسار استثنائي يثير الجدل الدولي
في خطوة غير مسبوقة أثارت ضجة واسعة على الساحة الدولية، اتخذت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسارًا جويًا غير معتاد خلال رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجنبت الطائرة التحليق فوق غالبية الدول الأوروبية.
هذا القرار الاستثنائي يعكس حجم المخاوف القانونية والسياسية التي تلاحق نتنياهو في ظل دعوات متزايدة لمحاسبته على خلفية الحرب في غزة، واحتمالية صدور أوامر توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
مسار جنوبي غير معتاد
بحسب بيانات الملاحة الجوية، لم تحلق الطائرة الإسرائيلية سوى فوق المجال الجوي لليونان وإيطاليا، قبل أن تتجه نحو مضيق جبل طارق للدخول إلى المحيط الأطلسي.
وعلى عكس المسار التقليدي المعتاد، تجنبت الطائرة المرور فوق فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، وهو ما أطال زمن الرحلة بشكل ملحوظ مقارنة بالمسارات السابقة.
هذا التغيير المفاجئ في خط السير دفع مراقبين للتساؤل عن أسبابه، حيث رجّح كثيرون أن السبب الرئيسي يعود إلى الخوف من اعتقال نتنياهو فوق الأجواء الأوروبية، في حال صدرت مذكرات توقيف أو استجابت بعض الدول لمطالب منظمات حقوقية ودولية بفتح ملفات التحقيق في جرائم الحرب.
فرنسا خارج المسار لأول مرة
واحدة من أبرز الملاحظات كانت تجنب المرور عبر فرنسا، التي اعتادت أن تكون جزءًا من خط الطيران الرسمي المتجه من تل أبيب إلى واشنطن. غياب فرنسا عن المسار الجوي اعتبره محللون مؤشرًا على توتر خفي في العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، خصوصًا بعد تصريحات باريس الأخيرة المطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة حول الانتهاكات المزعومة بحق المدنيين الفلسطينيين.
وبينما لم تصدر فرنسا أي بيان رسمي يؤكد هذا التوتر، فإن إقصاء مجالها الجوي من رحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي يعكس حجم الحذر الذي يسيطر على المؤسسة الإسرائيلية في التعامل مع أوروبا في هذه المرحلة.
الخوف من الاعتقال يلاحق نتنياهو
منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، تزايدت الأصوات الدولية المطالبة بمحاسبة قادة إسرائيل، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، بتهم تتعلق بـ جرائم الحرب وانتهاك القانون الدولي
. ورغم أن إسرائيل لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن بعض الدول الأوروبية تعتبر نفسها ملزمة قانونيًا بتنفيذ أي مذكرات اعتقال تصدر عن المحكمة.
هذه التطورات جعلت الحكومة الإسرائيلية تتعامل بحذر شديد مع تحركات رئيس وزرائها خارج البلاد. ويبدو أن تغيير مسار الطائرة جاء كإجراء احترازي يضمن تجنب أي مفاجآت قانونية أو سياسية قد تضع نتنياهو في موقف محرج أو خطير.
انعكاسات سياسية ودبلوماسية
قرار تجنب الأجواء الأوروبية لا يقتصر على كونه خيارًا ملاحيًا، بل يحمل دلالات سياسية عميقة. فهو يبرز حالة العزلة المتزايدة التي تعيشها إسرائيل على الساحة الدولية، حتى مع حلفاء تقليديين في أوروبا. كما يعكس حجم القلق داخل المؤسسة الحاكمة من تحولات الرأي العام العالمي، الذي بات أكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية.
ويرى محللون أن هذا القرار قد يؤثر سلبًا على صورة نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، حيث سيُنظر إليه كرجل دولة محاصر دوليًا، يضطر لتغيير خط سير رحلاته خوفًا من الاعتقال، بدلاً من الظهور كزعيم قوي يحظى بقبول عالمي.
الولايات المتحدة: الملاذ الآمن
رغم كل هذه التحديات، تظل الولايات المتحدة الأمريكية الوجهة الأكثر أمانًا لنتنياهو، حيث يتمتع هناك بدعم سياسي كبير من بعض الدوائر الحكومية واللوبيات المؤثرة، إلا أن المسار الطويل والملتوي الذي اتخذته الطائرة نحو واشنطن يعكس حقيقة واضحة: رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يعد قادرًا على التحليق بحرية في سماء أوروبا كما كان في السابق.
ردود فعل عالمية ومحلية
الحادثة لاقت صدى واسعًا في وسائل الإعلام الدولية، حيث اعتبرت بعض الصحف أن ما جرى يشكل سابقة خطيرة ويؤكد أن إسرائيل تفقد تدريجيًا حصانتها الدولية. في المقابل، دافع مؤيدو نتنياهو عن القرار واعتبروه إجراءً طبيعيًا لحماية سلامته وضمان نجاح رحلته السياسية.
أما في الداخل الإسرائيلي، فقد استغل خصوم نتنياهو هذه الواقعة لتوجيه سهام الانتقاد نحوه، مؤكدين أن سياساته الخارجية أدت إلى تدهور صورة إسرائيل عالميًا، وأنه بات يمثل عبئًا سياسيًا على الدولة العبرية.
تداعيات محتملة على المستقبل
يرى مراقبون أن هذا التغيير قد يصبح جزءًا من استراتيجية دائمة في تحركات نتنياهو المستقبلية، بحيث يتم استبعاد الأجواء الأوروبية من أي رحلات رسمية أو خاصة، لتجنب المخاطر القانونية والسياسية. بل إن بعض الخبراء أشاروا إلى إمكانية أن تبحث إسرائيل عن شراكات جديدة مع دول غير أوروبية لتقليل اعتمادها على الغرب.