رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

نهاية عصر وبداية آخر.. مطار دبي يودّع أحد أطول أبراج المراقبة في العالم

الإثنين 20/أكتوبر/2025 - 03:50 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في مشهد يجمع بين العراقة والتطور، يستعد برج المراقبة في مطار دبي الدولي (DXB) — أحد أبرز رموز البنية التحتية للطيران في الشرق الأوسط  للتقاعد بعد عقودٍ من الخدمة المتواصلة في إدارة أحد أكثر الأجواء ازدحامًا في العالم.

يُعد برج المراقبة هذا من أعلى الأبراج في العالم بارتفاع 136 مترًا، حيث يُشرف المراقبون الجويون من قمته على أكثر من 1000 حركة طيران يوميًا تشمل طائرات الركاب العملاقة من طراز Airbus A380، والطائرات الخاصة، وطائرات الشحن التي تعبر الأجواء بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.

 مركز قيادة الأجواء العالمية من قلب دبي

منذ افتتاحه، كان برج المراقبة بمثابة العين الساهرة على سماء دبي، فهو القلب النابض الذي يدير عمليات الإقلاع والهبوط والتوجيه الجوي بدقة متناهية على مدار 24 ساعة. ويعمل المراقبون الجويون داخل البرج بتنسيق مباشر مع مراكز الملاحة الإقليمية والدولية، لتأمين حركة الطائرات العابرة للأجواء الإماراتية التي تُعد من بين الأكثر نشاطًا في العالم.

ويُعرف برج المراقبة في مطار دبي الدولي باستخدامه أحدث تقنيات الرادار والاتصالات الرقمية وأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GNSS)، مما يتيح تتبع الطائرات لحظة بلحظة وضمان أعلى مستويات سلامة الطيران.

التكنولوجيا في خدمة الأمان

تُعتبر التكنولوجيا المتقدمة أحد أهم أسرار كفاءة هذا البرج، إذ يعتمد على منظومة متكاملة من الشاشات والأنظمة الذكية التي تُظهر موقع كل طائرة في المجال الجوي بدقة تصل إلى ثوانٍ معدودة.
كما تسمح تقنيات ADS-B و Mode-S Radar لمراقبي الحركة الجوية بتوقع المسارات المحتملة للطائرات وتفادي أي تعارض محتمل، مما يجعل مطار دبي الدولي واحدًا من أكثر المطارات أمانًا وكفاءة في العالم.

وتقول مصادر داخل قطاع الطيران إن مركز المراقبة الجوية بدبي يعد نموذجًا يحتذى به في إدارة الحركة الجوية المعقدة، خاصة في ساعات الذروة التي تشهد إقلاع أو هبوط طائرة كل دقيقة تقريبًا.

انتقال تدريجي إلى “دبي وورلد سنترال – آل مكتوم”

ومع اقتراب اكتمال مطار دبي الجديد “دبي وورلد سنترال – آل مكتوم”، الذي يُتوقع أن يصبح أكبر مطار في العالم من حيث السعة التشغيلية، بدأت الخطط الفعلية لنقل معظم العمليات الجوية تدريجيًا من مطار دبي الدولي إلى المطار الجديد في جبل علي.

وسيشكل هذا الانتقال مرحلة تاريخية جديدة في مسيرة الطيران الإماراتي، إذ من المتوقع أن يستوعب المطار الجديد أكثر من 250 مليون مسافر سنويًا عند اكتمال مراحله كافة، ضمن خطة تطوير طموحة تندرج في إطار أجندة دبي الاقتصادية D33 التي تهدف إلى جعل الإمارة من أبرز ثلاث مدن اقتصادية في العالم.

نهاية عصر وبداية أخرى

مع كل رحلة تهبط على مدرج مطار دبي الدولي، كان برج المراقبة القديم يرسم لوحة من التنسيق الدقيق بين الأرض والسماء. لكن الزمن لا يتوقف، ومع تطور البنية التحتية والاعتماد على الأنظمة الرقمية والذكاء الاصطناعي في إدارة الأجواء، سيغادر البرج التاريخي موقعه تدريجيًا، تاركًا خلفه إرثًا هندسيًا وإنسانيًا خالدًا.

ويؤكد خبراء الطيران أن هذه الخطوة لا تعني نهاية دوره الرمزي، بل نقله إلى سجل التاريخ كأحد أعظم أبراج المراقبة في العالم، بعد أن شكّل لسنوات طويلة نقطة ارتكاز لأكثر من 100 شركة طيران عالمية تعتمد على مطار دبي كمركز رئيسي لرحلاتها.

الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها كعاصمة عالمية للطيران

يأتي قرار التقاعد التدريجي للبرج ضمن خطة شاملة لتطوير قطاع الطيران المدني في دولة الإمارات، والتي تتضمن تحديث أنظمة المراقبة الجوية، وتوسيع قدرات الملاحة الرقمية، وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الحركة الجوية.

ومع دخول “دبي وورلد سنترال” مرحلة التشغيل الموسعة، فإن الإمارة تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ موقعها كعاصمة عالمية للطيران، ومركز رئيسي للربط بين الشرق والغرب.
ولن يكون هذا التحول مجرد نقلة تشغيلية، بل تحولًا استراتيجيًا في مفهوم إدارة الأجواء الجوية عبر بنية تحتية فائقة التطور تدعم النمو المستدام لقطاع النقل الجوي.

إرث خالد في ذاكرة الطيران

سيبقى برج المراقبة في مطار دبي الدولي رمزًا للعصر الذهبي الذي شهد فيه العالم صعود دبي إلى قمة صناعة الطيران. فمن خلال هذا البرج، تمت إدارة ملايين الرحلات بسلامة ودقة، وخرجت منه أجيال من المراقبين الجويين الإماراتيين الذين ساهموا في بناء منظومة طيران عالمية يُضرب بها المثل.

وبينما يتهيأ البرج للتقاعد، تستعد دبي لافتتاح فصل جديد أكثر تطورًا وابتكارًا في تاريخها الجوي ، فصلٌ يعتمد على الذكاء الاصطناعي، والاتصال الرقمي، والبنية التحتية المستدامة التي تعكس رؤية الإمارات 2031 نحو الريادة العالمية في النقل الجوي.

                                           
ads
ads
ads