رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

بولندا: طائرة بوتين قد تُحتجز إذا دخلت مجالنا الجوي

الأربعاء 22/أكتوبر/2025 - 12:05 ص
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة


تتصاعد حدة التوترات بين موسكو ووارسو قبل قمة بودابست المرتقبة الشهر المقبل، التي من المقرر أن تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك بعد تحذير صارم من الحكومة البولندية بشأن احتمال احتجاز طائرة الرئيس الروسي في حال دخولها المجال الجوي البولندي.

وفي تصريحات أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والدبلوماسية الدولية، أعلن وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن بولندا "لن تتردد في تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية ضد بوتين"، مؤكداً أن أي طائرة تقلّ الرئيس الروسي يمكن احتجازها قانونيًا وتحويلها إلى لاهاي، حيث يواجه بوتين اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

 تهديد بولندي رسمي... ومخاوف روسية متصاعدة

أوضحت وزارة الخارجية البولندية أن هذا التحذير يستند إلى التزامات بولندا كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي وعضو موقع على ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية.
وأضاف سيكورسكي أن "القانون الدولي لا يعرف استثناءات، وأن مذكرة الاعتقال واجبة التنفيذ أينما أمكن، حتى لو كان المستهدف رئيس دولة كبرى".

في المقابل، نقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر في الكرملين قولها إن فريق الأمن الرئاسي الروسي يدرس بشكل عاجل مسارات طيران بديلة لتجنب المجال الجوي الأوروبي، الذي يخضع منذ عام 2022 لحظر صارم على جميع الرحلات الروسية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وتشير التقارير إلى أن الخيارات المطروحة أمام موسكو تشمل التحليق عبر تركيا أو صربيا أو الجبل الأسود كمسارات آمنة نحو العاصمة المجرية بودابست، التي تستضيف القمة المنتظرة.

 معضلة دبلوماسية قبل الإقلاع

القضية لا تقتصر على مجرد تحذير سياسي، بل تحمل أبعادًا قانونية ودبلوماسية بالغة التعقيد.
فبحسب خبراء القانون الدولي، إذا عبرت طائرة بوتين أجواء دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، فإنها تخضع من الناحية القانونية لولاية المحكمة، ويمكن احتجازها إذا توفرت الأدلة على وجود الرئيس الروسي على متنها.

ويقول البروفيسور “يانوش كوزمينسكي”، أستاذ القانون الدولي في جامعة وارسو:

“التصريح البولندي يحمل رسالة مزدوجة: التزام القانون الدولي، وإرسال تحذير سياسي إلى موسكو بأن أوروبا لن تتساهل مع أي خرق للعدالة الدولية”.

في المقابل، وصف الكرملين هذا التحذير بأنه “استفزاز خطير ومحاولة لتقويض الحوار الدبلوماسي”، مؤكدًا أن أي تحرك ضد طائرة الرئيس الروسي سيُعتبر عدوانًا على السيادة الروسية.

المجر في موقف حرج بين الحلفاء

تكتسب الأزمة بُعدًا إضافيًا مع موقف المجر، التي تستعد لاستضافة قمة بودابست، حيث أعلنت الحكومة المجرية بقيادة فيكتور أوربان نيتها الانسحاب من محكمة الجنايات الدولية بحلول منتصف عام 2026، لكنها تبقى في الوقت الراهن ملزمة قانونيًا بتطبيق التزامات المحكمة.

وهذا يعني أن وصول بوتين إلى بودابست – في حال تم – سيضع الحكومة المجرية أمام اختبار سياسي غير مسبوق:
هل تلتزم بقرارات العدالة الدولية وتخاطر بعلاقتها مع موسكو؟ أم تتجاهل المذكرة الدولية لتأكيد استقلال قرارها السياسي؟

ويرى مراقبون أن المجر قد تلجأ إلى ترتيبات خاصة تتيح لبوتين الحضور دون المرور عبر الأجواء الخاضعة لرقابة المحكمة، وربما عبر ممرات جوية استثنائية أو رحلات غير مباشرة تمر بدول صديقة لروسيا مثل صربيا.

 قمة لم تبدأ... لكنها أشعلت العالم

القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين في العاصمة المجرية تُعتبر أول لقاء غير رسمي بين الزعيمين منذ عام 2019، وتهدف إلى مناقشة مستقبل العلاقات الروسية الأمريكية، إضافة إلى قضايا الأمن الأوروبي وأزمة الطاقة.

لكن قبل أن تبدأ القمة، تحولت بالفعل إلى مسرح للتوترات الدولية، بعدما ربطت بولندا بين زيارة بوتين وتنفيذ العدالة الدولية.

وتصدرت القضية عناوين الصحف العالمية تحت عناوين مثل:

“طائرة بوتين تحت التهديد” و “قمة بودابست قد تتحول إلى أزمة جوية دبلوماسية”.

ويقول محللون إن الموقف البولندي ليس مجرد استعراض سياسي، بل يأتي في إطار تصعيد أوروبي منسق ضد محاولات روسيا إعادة الاندماج في النظام الدبلوماسي الغربي من خلال قنوات غير رسمية مثل قمة بودابست.

 العدالة الدولية في مواجهة السياسة

تُعد مذكرة الاعتقال الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية بحق بوتين من أهم التطورات القانونية في تاريخ الصراع الروسي الأوكراني، حيث تتهمه المحكمة بـ “الترحيل القسري للأطفال الأوكرانيين” من المناطق المحتلة، وهي تهمة تندرج تحت جرائم الحرب وفق القانون الدولي.

ومنذ صدور المذكرة في مارس 2023، أصبح بوتين مطلوبًا دوليًا في أكثر من 120 دولة موقعة على ميثاق المحكمة، ما يقيد حركته الخارجية بشكل كبير ويجعل كل زيارة خارجية محاطة بالجدل الأمني والقانوني.

بين الأجواء والسياسة.. الطيران يتحول إلى ساحة مواجهة

هذا التصعيد يفتح الباب أمام حقبة جديدة من "الطيران السياسي"، حيث لم تعد الرحلات الرئاسية الروسية مجرد مسارات جوية، بل أدوات ضغط ومواجهة قانونية بين الشرق والغرب.

ويشير مراقبون إلى أن أي محاولة لبوتين لعبور الأجواء الأوروبية قد تدفع روسيا إلى تعليق أو إعادة هيكلة اتفاقيات الطيران المدني الدولية، أو حتى تسيير رحلات سرية عبر طائرات لا تحمل علامات رسمية لتجنب الملاحقة.

                                           
ads
ads
ads