جيران الشهيد أحمد جمال لـ«الحياة اليوم»: «كان يروي شجر المقابر والآن يرويها بدمه»
"كان يروى شجر المقابر كل جمعة واليوم روى المقابر بدمه وبات بها".. بهذه الكلمات استقبلنا الشاب محمد سرور ابن قرية ميت دمسيس، صديق عمر المجند الشهيد أحمد جمال وسط حالة من الحزن التي خيمت على القرية.
كان الآلاف من أهالي قرية "ميت دمسيس" التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، شيعوا أمس الثلاثاء، جثمان الشهيد المجند أحمد جمال عبده البهنساوي، 21 عاما، والذي استشهد أثناء أداء واجبه الوطني في شمال سيناء، إثر التصدي لهجوم إرهابي على "كمين زلزال 15" بالشيخ زويد.
ظهر والد الشهيد البطل فى العزاء محاولا الظهور متماسكًا، رغم أن الألم الشديد كان يعتصر قلبه حزناً على فراق سنده، أما الأم فلم ينقطع من على لسانها جملة "إن لله وإن اليه راجعون شهيد يا ابنى حبيبى فى الجنة"، وكان الدموع تنهمر من عينيها كالأنهار.
في مشهد خيم عليه حالة كبيرة من الحزن والألم، لم نتمكن من التحدث إلى أسرة الشهيد، لكن بصعوبة استجمع أحمد سرور صديق عمر الشهيد قواه، محاولا التحدث لـ"الحياة اليوم" عن تفاصيل ما يعرفه عن الشهيد أحمد جمال، ودماثة خلقه.
يشير سرور إلى أن "جمال" قبل التخرج كانت كليته فى السويس، وعندما ينزل إجازة الخميس والجمعة، يذهب أولا إلى المقابر لري الشجر الموجود هناك ويقرأ الفاتحة على الأموات، قبل أن يعود إلى منزله.
وعن كيفية تلقي نبأ استشهاد صديقه، يشير سرور إلى أنه تلقى اتصالا من أحد الأصدقاء يخبره أن هناك شهيدان من الدقهلية، أحدهم من بلدتك، لكنه لم يتخيل أن صديق عمره هو الشهيد.
يوضح سرور أن الشهيد أحمد جمال عيد الابن الأكبر لأب يعمل نجارًا وأم ربة منزل، وله شقيق وحيد يدرس في المرحلة الإعدادية.
ويؤكد صديق الشهيد أنه لم يقابل أحد من أهل القرية إلا ويذكر "أحمد جمال" بالخير، مؤكدين أنه منذ صغره مشروع شهيد صاحب صاحبه وجدع، حيث كان دمث الخلق بار بأهل بلده وبأمه.
"حبايبك كتير يا أحمد".. هكذا استقبلتنا السيدة أم مريم من جيران الشهيد، قائلة: "كنتي تعالي شوفي الجنازة وشوفي حب الناس.. أحمد كان راجل جدع مبيتأخرش عن خدمة حد من جيرانه.. أحمد هيفضل عايش جوانا طول العمر"..
يذكر أن الشهيد أحمد جمال التحق بالخدمة العسكرية منذ 6 أشهر عقب تخرجه من كلية التجارة، ويقول أحمد بدوي أحد أصدقاء الشهيد في الجامعه: "ألم عسير ومصابٌ ليس بيسير أحدهم كان يحتل مساحةً واسعةً من قلبي ثم ماذا؟ ثم رحل! في صفعةٍ من صفعات القدر القاسية يرحل بشوش الوجه، حسن المعشر، طيب الذكر، ودود الخلق، خالد الذكر، في عمليةٍ خسيسه إرهابيةٌ غاشمة ارتقى بها شهيدا إلى جوار ربه لتأنس روحه بجواره ليخبرنا أن الشهادة تختار من ينالها بعنايةٍ ودقة".
ويتابع بدوي وهو يرثي صديقه الشهيد: "أربع سنوات قد مرت أو يزيد، منذ أول مرة التقيتني فيها بتلك الابتسامة التي رافقتك طيلة حياتنا الجامعية، ابتسامةٌ كانت تحمل من الرضا ما يكفي لطرد كل كآبات الحياه، أعوامٌ كنت فيها خير صديق ونعم أخٍ ورفيق وعامل تهوين كل شدةٍ وضيق، أعوامٌ قد قضيناها سوياً تحت وطأة الغُربةِ والامتحانات ولم أكن أدري أنك تسير نحو الشهادةِ معتجل الخطى لعلي أكتب تلك الكلمات التي أرثيك فيها، وأنا على يقينٍ أن نبأ استشهادك ما هو سوي كابوسٌ مزعج وأنك قادمٌ بابتسامتك التي عهدتك بها في آخر لقاءٍ لنا بساحة التجنيد".
ارحل يا صديقي وتترك وراءك حزنًا تستأنف نوازله القلوب، ما حيينا لتؤكد لنا أن الشهادة تختار مرتاديها بعنايةٍ فائقه، طبت وطابت سيرتك عطرةٍ حيةً تروي نرددها ما حيينا آنسًا مستأنسًا بجوار ربك يا رفيقي، نشهد الله أنا علي العهد باقون إلى أن نلقاك فى الجنة دارك ومستقرك".
وخرج أهالي قرية ميت دمسيس التابعة لمركز أجا والقرى المجاورة لها، لتشييع جثمان الشهيد المجند أحمد جمال عبد المقصود البهنساوي، في جنازة عسكرية، بمشاركة هيثم الشيخ نائب المحافظ، حيث خرج الجثمان ملفوفًا بعلم مصر عقب آداء صلاة الجنازة عليه بمسجد الصحابي الجليل محمد ابن أبي بكر الصديق، لمثواه الأخير بمقابر الأسرة.
ووافق هيثم الشيخ نائب محافظ الدقهلية، على إطلاق اسم الشهيد على إحدى مدارس القرية استجابة لطلب الأهالي.
وأعلن العقيد تامر الرفاعي المتحدث العسكري عبر موقع "فيسبوك" أن عناصر القوات المسلحة تمكنت من إحباط هجوم إرهابي على أحد الارتكازات الأمنية بشمال سيناء، ونتيجة ليقظة عناصر التأمين تمكنت قوة الارتكاز الأمني من التصدي للعناصر الإرهابية والاشتباك معها والقضاء على 10 إرهابيين.
وتم تدمير عربة دفع رباعي تستخدمها العناصر الإرهابية، ونتيجة لتبادل إطلاق النيران تم إصابة واستشهاد ضابطين و5 درجات أخرى وأنه جارٍ أعمال التمشيط وملاحقة العناصر الإرهابية للقضاء عليهم بمنطقة الحدث.