رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

إسماعيلاوية.. بمائة رجل

الأربعاء 02/سبتمبر/2020 - 05:50 م
الحياة اليوم
محمد العايدي
طباعة

في لمحة تاريخية لمدينة الإسماعيلية الباسلة ننقل لكم حلقات لما شهدته ربوعها قديماً من خلال مذكرات المؤرخ الإسماعيلاوي جلال عبده هاشم حيث يروي موقف حدث له في الصغر مع سيدة من أصحاب السيرة العطرة داخل الإسماعيلية.

في يوم خميس من أيام عام 1959. الخامسة مساءاً.. كنت أسير في شارعي نوال وسليمان جوهر بالدقي محافظة الجيزة وإذ بصوت سيدة نحوي قائلة .. إيه اللي جابك هنا يا ابن "عبده هاشم"......؟ ونظرت نحوها.. وعرفتها ...

أجبت .. أنا رايح لصديقي .. حسن أبو جريشة .. علشان رايحين السينما ..

سألتني .. بتعمل إيه في مصر ..

قلت لها.. أنا في مدرسة قصر النيل ومعايا حسن أبو جريشة تلامذة.. وضعت يدها على كتفي وقالت لي.. تعالى معي ..

أنا رايحة أزور ابنتي في شارع الدقي.. قلت لها.. لا معلش.. عاوزين نلحق السينما من ستة لتسعة .. قالت.. مش هأخرك.. هنضايفك وتمشي.. لكنني اعتذرت لأني مرتبط بميعاد.. وضعت يدها في شنطتها وأخرجت بعض الجنيهات وقالت لي.. خد الفلوس دي خليها معاك.. اعتذرت قائلاً.. أنا معايا فلوس كفاية .. وبابا بيبعتلي بانتظام..

قالت خليهم معاك .. ولما أنزل الإسماعيلية هاخدهم من أبوك.. برضه اعتذرت .. قال لي طيب عاوز حاجة...؟

أنت ساكن فين ومع مين..؟ وفيه مشاكل بتواجهك .. أجبت .. كل شيء تمام وماشي كويس ... أعطتني بعض النصائح ... وقالت لي لو عاوز أي حاجة أو فيه مشكلة أنا دايماً في شقة بنتي وأرشدتني بالظبط على العنوان .. طبعاً كان لموقف هذه السيدة أثراً كبيراً في شعوري بالاطمئنان والحب تجاه هذه السيدة التي استقبلتني في الغربة وأرادت أن تقدم كرمها نحوي.. وعن السيدة الفاضلة "رحمها الله" أعرفها من الإسماعيلية فقد كانت تحضر إلى محل والدي وتقول له أحضر لي الحاج/ حامد القماش.. والحاج كمال رمضان صاحب محل الجزارة والحاج محمد كشك تاجر الأقمشة.. والحاج محمد أبو السيد تاجر الأقمشة.. يتجمع الجميع حولها داخل المحل.. ويحكون كل ما ترغب سماعه عن الإسماعيلية وأحوالها وناسها... فقد كانت هذه السيد الإسماعيلاوية... تعيش بالقاهرة وارتباطها بالإسماعيلاوية وناسها الطيبين.. كنت صغيراً أبلغ من العمر حوالي إثنا عشر عاماً... وكانت تحضر لمحل والدي أذهب أطلب لها الشاي والقهوة وتجلس على مكتب والدي تستمع لأهالي الحتة والتجار ومشكلاتهم.. كانت لها رأي وشورى في أي مشكلة... وأيضاً كانت لها إتصالاً بمعارف تساعد في حل مشاكل الجميع.. كانت رحمها الله.. تبحث عن أي مشكلة لأي إنسان إسماعيلاوي.. وبنشاطها وحنكتها تحل المشكلة.. وقد كان هؤلاء الناس يسعدوا بزيارتها.. ويترقبون عودتها مرة أخرى ليحتفلون بها... فقد كانت هذه السيدة وشخصيتها القوية توازي مائة رجل... فلها ثقة بالنفس.. وحسن التصرف.. ورجاحة الرأي.. افتقدها أهالي الإسماعيلية فلم يملأ فراغها أحد منذ وفاتها.. والزمن أصبح خالياً من أمثالها... إنها السيدة الفاضلة الحاجة "نون"... والدة الفنانة الراحلة "رجاء الجداوي" (رحمها الله) وشقيقة الفنانة الراحلة "تحية كاريوكا"... ورغم أضواء الفن.. واقتراب هذه السيدة من المجالات الفنية.. إلا أنها كانت عالقة في الذهن والفكر بالإسماعيلية والإسماعيلاوية تعشقهم... وتتسابق لحل مشاكلهم في زمن كان الوفاء والإخلاص نابعاً من قلب يملؤه الحب والمشاعر الطيبة... رحمها الله... ورحم أبناء جيلها الذي سمي بجيل الزمن الجميل.

             

إسماعيلاوية .... بمائة رجل

                                           
ads
ads
ads