رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

سبَّاق كل العصور

الإثنين 26/أكتوبر/2020 - 10:33 ص
عاطف عبد الفتاح صبيح
عاطف عبد الفتاح صبيح
عاطف عبد الفتاح صبيح
طباعة
كان لقب "روح ابن سينا" أرفع وسام فخري يحصل عليه طبيب في أوربا

وضع القانون الأول للحركة الذي سبق به نيوتن بأكثر من ستة قرون.. و"سرعة الحركة" الذي بنى عليه أينشتين نظرية النسبية


عندما يئس الأمير "نوح الثاني الساماني" من العلاج على أيدي الأطباء، استدعى الشاب "ابن سينا"، فحقق ما عجز عنه كبار الأطباء في عصره، واختار الشاب طريق المتاعب بعبقريته في أمة تحارب العباقرة وتكره النجاح.

فرغم أنه أول من توصل للحقن تحت الجلد، وأول من اخترع أنبوبة القصبة الهوائية والتي تنجي صاحبها من الاختناق، وأول من وصف الحنجرة بكل تفاصيلها من أنسجة، وعضلات، وأربطة بمنتهى الدقة، وأول من ميزّ بين المغص الكلوي والمغص المعوي، وبين الالتهاب الرئوي والالتهاب السحائي الحاد، وأول من اكتشف دودة الإنكلستوما، وسماها "الدودة المستديرة"، وهو بذلك يسبق الإيطالي دوبيني بـ 900 سنة، وأول من وصف داء الفيل، وقال إن سببه ديدان "الفيلاريا"، وأول من وصف داء الجمرة الخبيثة، وسماه "الحمى الفارسية"، ووصف طريقة التشخيص، وأول من ذكر السلّ الرئوي، وأول من وصف أعراض حصاة المثانة وميز بينها وبين حصاة الكلى، وأول من وصف بدقة الأمراض العصبية مثل "شلل الرعاش" و"السكتة الدماغية"، وأول من وصف وعالج الأمراض النفسية، وأول من وصف بدقة العين بعضلاتها، وبكل ما يتصل بها، وأول من برع في علاج الأورام السرطانية، وأخبر بوجود أورام المخ، والتخدير، وقياسات الدم، والتحاليل الطبية، وأول من جعل للصوتيات علمًا في كتابه "أسباب حدوث الحرف"، وأول من تكلم عن الاضطرابات العصبية والعوامل النفسية والعقلية وتأثيرها الكبير في أعضاء الجسم ووظائفها، وأول من ابتكر التشخيص بجس النبض والقرع بالإصبع فوق جسم المريض، وهي الطريقة المتبعه حاليًّا في تشخيص الأمراض الباطنية، ونُسبت للأسف إلى "ليوبولد أينبرجر"، وأول من استخدم التحليل للبول والبراز، وكثير كثير كثير...

رغم كل هذه الـ "أول"، إلا أنه لم يشفع له في مجتمع تربى على "الحفظ والصم"، لا الفهم والاستيعاب، وهذا عكس تركيبته الذهنية والنفسية؛ مما كان وبالاً عليه، فكانت، كما يحدث في عصرنا وفي كل عصورنا، التهم التي تفتت الصخر وتهد الجبال، فقد حورب بشراسة، واتهم في دينه وفي عقيدته.

ولكن هناك دائمًا من يقدرون عبقريته، ويقدرونه قدره، ويدينون له بالفضل الكبير في نهضتهم العلمية، بل ويزينون بصورته كبرى قاعات كلية الطب بجامعة "باريس" حتى الآن.

وهناك من يشهد له شهادة للتاريخ وللأمانة، مثل وليم أوسلر الذي قال عن كتاب "القانون": "إنه كان الإنجيل الطبي لأطول فترة من الزمن"، ذلك الكتاب الذي ترجم إلى اللاتينية، وطبع أكثر من 40 طبعة، و"جورج ساتون" الذي قال: "إن ابن سينا ظاهرة فكرية عظيمة ربما لا نجد من يساويه في ذكائه أو نشاطه."، وأوبرفيل: "كان من كبار عظماء الإنسانية على الإطلاق"، والمستشرق الهولندي "دي بور": "كان الطب معدومًا، فأوجده أبقراط، وميتًا، فأحياه جالينوس، ومشتتًا فجمعه الرازي، وناقصًا فأتمه ابن سينا"، والمؤلف البريطاني برنارد جاف: "منذ حوالي تسعمائة عام توصل العالم المسلم "ابن سينا" إلى سرعة الضوء".

وكما سبق ابن سينا كبار الأطباء وهو شاب، فقد سبق علماء الدنيا وهو كبير، ففي في علم الفلك رصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة، وهو ما أقره الفلكي الإنجليزي جير مياروكس، وفي الفيزياء كان من أوائل من مهدوا لعلم الديناميكا الحديثة في الحركة وموضع الميل القسري والميل المعاون، وإليه يرجع الفضل في وضع القانون الأول للحركة، وقد سبق إسحاق نيوتن بأكثر من ستة قرون وجاليليو بأكثر من 5 قرون وليوناردو دافنشي بأكثر من 4 قرون؛ بقانونه المعروف: "قانون ابن سينا للحركة والسكون".

وابتكر آلة تشبه الونير Vernier، وهي آلة تستعمل لقياس الأطوال بدقة متناهية، واستطاع بدقة شديدة أن يفرق بين سرعتي الضوء والصوت، وهو ما توصل إليه إسحاق نيوتن بعد أكثر من 600 سنة، وكانت له نظرياته في ميكانيكية الحركة، التي توصل إليها "جان بيردان" في القرن الرابع عشر، وسرعة الحركة التي بنى عليها "ألبرت أينشتين" نظريته الشهيرة في النسبية.

                                           
ads
ads
ads