رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

هالة الكردي تكتب|ذهاب بالمجان والعودة ممنوعة

الثلاثاء 19/أكتوبر/2021 - 09:41 م
الحياة اليوم
هالة الكردي
طباعة

نعم.. كما عهدته دوما كان شابا عشرينيا يملأ الطموح والإبداع وجدانه والأحلام التي لا نهاية لها لم يكن لغيره نصيبا منها سواه، وبالرغم من ذلك لم تكن الصعوبات التي يواجهها أيا منا قبل اتخاذ أي قرار بالكافية كي تمنعه من البدء به، تماما كما غني العندليب لو إني أعلم خاتمتي ما كنت بدأت.
كانت الفكرة كالخطيئة (إن لم أكن أبالغ) التي يزينها الشيطان لمرتكبها فما عليه سوي تسخير وتسهيل كل السبل لارتكابها و لا نشعر في لحظة السعي لها سوي بلذة الوصول إليها ولاحقا يأتي الشعور بالندم والحسرة بينما نحن ندور في ساقية الحياة بما فيها من ضغوط شتي.

كان فالبداية قرار بهجرة ظروف منعته من تحقيق كافة ما راودته به أحلامه لضعف إمكانات منعته من استكمال مشروعه الصغير الذي كان بمثابة أول خطوة يخطوها نحو عالم المال والأعمال، فما العيب وكل من قرأنا عنهم وسمعنا بهم كانت رحلة نجاحهم بدايتها فكرة وخطوة وقرار وهذا ما آمن به وسعي له فهاجر الوطن ولم يدرك أنه بعد أن يهاجر وطنه سيهاجر معه كل ما تبقي منه.

الغربة يا عزيزي إن لم تكن من ذلك الجيل الذي نشأ علي حدوتة ( البعبع ) التي كان يقوم بسردها الأهل لأبنائهم بهدف الطاعة أو النوم مبكرا فلن تفهم المغزي منها، فتلك هي الغربة لا تؤذي ولا تهاجم دفعة واحدة ولكن تبدأ بالنخر في نفس المهاجر ببطء، فاليوم في حياة الإنسان العادي عبارة عن ٢٤ ساعة ولكن في حياة المهاجر فاليوم يمر كالساعة الرملية ساعتها ب ٢٤ يوما ، يصبح خلالها متبلد الإحساس قاسي القلب تدريجيا.. نعم يحزن مثلنا ويتألم ويشفق ويضحك ويتعايش مثلنا ولكن بلا روح، هذا ما سرده لي صديقي الذي اكتشف فجاة أنه مر علي هجرته البارحة ٥ أعوام أو أكثر، مرت تلك السنين عليه دون أن يشعر دون أن ينتبه بأن جزء كبير منه (إن لم يكن معظمه) قد فقد فيهم أكثر من تلك المكاسب التي كان يظن أنه خلق للحصول عليها، وأصبحت أقل الأشياء التي كانت تحاوطه بعيدة المنال ويتمني لو يجد من يلقي عليه اللوم في تشجعيه من البداية علي ذلك القرار ولا يجد.
                                           
ads
ads
ads