رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

هالة الكردي تكتب| هل ضاع العمر حقا ؟!

الأحد 24/أكتوبر/2021 - 12:25 ص
الحياة اليوم
هالة الكردي
طباعة

اليوم وأنا علي مشارف الخمسين من عمري اشرد بذهني واستعيد شريط حياتي، أحاول أن استدعي تلك الأحداث التي شكلت مسيرتي، اتذكر ما احرزته من انجازات وكذلك أحاسب نفسي علي ما اقترفته يداي وأجدني أصِلُ إلي نتيجة حتمية وهي إنني كنت دوما أحيا كشخصين، شخصين كَرِه كلا منهما الآخر ولكن كلا منهما يحترم كره الآخر له.
اتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضيتها أثناء دراستي قبل المراهقة وقتها كانت ضحكاتي ترتفع حتي السماء أتذكر وقت المصايف مع الأهل، وقد كنا نتسابق علي التهاب بشرتنا مقارنة بحرصنا البالغ فالكبر علي تغير لونها.
أتذكر حينما كانت الأحلام كثيرة وكبيرة جدا تعانق السماء، فقد رسمت لحياتي خطة النجاح التي لم تكن لتفشل مهما حدث، حلمت بتكوين أسرة ولكن بعد أن أصل حتما في عملي إلي أعلي المناصب. 
تذكرت حتي مشاعري الرقيقة تجاه الرجل الوحيد الذي لم أقابل يوما غيره والذي دعوت الله (جهلا) أن أكمل معه الحياة ما دمت أحيا. 
كبرت ونضجت ونجحت وحققت كل ما كنت يوما أرجوه وتدريجيا أصبحت الحياة صاخبة بالمسؤوليات والضغوط من كل الجهات؛ العمل والمنزل بكل من فيه، زوج وأبناء وأرحام والتزامات ومجاملات بعد أن كانت صاخبة بأحدث الألبومات والأغاني الصيفية التي تبعث الشغف والروح في الحياة. 
أجدني وحيدة رغم أنفي وبرغم كل الضوضاء 
حبيسة أفكاري وشبابي الذي افنيته انطلاقا من فكرة تحقيق الذات أولا ثم الاستمتاع بالحياة لاحقا.
وأخذت أتصفح في مجلدات الصور التي أخفيها في صندوق هو بالأصل أزرق اللون ولكن قد يظهر كأنه رمادي من كثرة الغبار عليه، هناك فوق الدولاب بعيدا عن أيدي أطفالي الذين تخرجو من جامعتهم حديثا وأدركت أن يدي لم تمسسه منذ كانو أطفالا حرصا مني علي ألا يهلك؛ فهلكت أنا عوضا.
تفاجأت، تظاهرت بالتعجب عندما بدأت الاحظ تغير ملامحي وشكل ملابسي، ولكن بداخلي من يردني ليقول افنيتي عمرك بالعمل الجاهد وتجاهلتي نفسك، ليرد نفس الصوت نافيا ويقول لم يضيعو هباء فقد راعيتي وداويتي وعلمتي واطعمتي وكان هذا واجبك، فيرد نفس الصوت ليتسائل ! واجبي ؟ ولكن بماذا أفادني الواجب بعد ما مل زوجي من روتين الحياة وأكتشف فجأة أنه لم يقابل في حياته إمرأة غيري هو الآخر وقد أراد أن يضفي علي نفسه وعلي قلبه السعادة التي من شأنها أن تبعث الروح فيه من جديد واتخذ قراره القاطع بأن يتزوج بأخرى، شعر تجاهها بمشاعر مراهقة في الخمسين أو أكثر من عمره ! 
بماذا استفدت من أبناء جعلتهم التكنولوجيا بمنأي عني لا يشعرون بألمي وكبر سني ولا يدركون ما أمر به من كسرة قلب في هذا العمر ! فكلاهما علي علاقة بفتاتين ربما يأتي يوما يواجهان فيه نفس المصير بارتباطهما المبكر من أبنائي إذا شابهو أباهم.. أين صوري مع أصدقائي منذ الدراسة وأصدقاء العمل ! أين الصور التي عاهدت نفسي قديما أن ألتقطتها في كل البلاد وكل المناسبات وكل الأماكن الغريبة؟ لقد كنت أدخر مالي من أجل ذلك فأين الصور؟ فيعلو الصوت مرة أخري ؛ تركت عملي الذي كنت قد وصلت فيه لأعلي المناصب حينما دخل أبناءي مرحلة الثانوية العامة حتي اتفرغ لهما تمام التفرغ ولم أكن أعلم أن كل شيء سيزول وسوف افقد زمام الأمور في كل شيء افنيت من أجله عمري وكان عملي هو الأولي بالتمسك لأنه بالمنطق هو الطرف الوحيد في المعادلة التي أن اتقنت وبذلت فيها جهدا سوف أحصد ما زرعته بها.
نعم فلقد خسرت زوجي بعدما اختار خسارتي وخسرت أولادي بعدما استهزأوا بمشاعري وشجعو والدهم علي زواجه وخسرت كرامتي وهيبة سني وأنا أطالب بالانفصال في مثل عمري كعجوز خرفة، وأخيرا خسرت نفسي عندما وجدت أن آخر صورة لي كنت سعيدة بها في ذلك المجلد، كانت تلك الصورة في رحلة الجامعة التي تعرفت فيها علي زوجي الذي لم يرعاني في الكبر كما راعيته في شبابي.
هالة الكردي تكتب| هل ضاع العمر حقا ؟!
هالة الكردي تكتب| هل ضاع العمر حقا ؟!
                                           
ads
ads
ads