بوينغ تُكثّف إنتاج طائرات 737 ماكس وسط رقابة صارمة من السلطات الأمريكية

في خطوة لافتة على طريق التعافي، أعلنت شركة "بوينغ" الأمريكية تكثيف وتيرة إنتاج طائراتها من طراز 737 ماكس، لتصل حاليًا إلى 40 طائرة شهريًا، وهي أسرع وتيرة إنتاج سجلتها الشركة في السنوات الأخيرة، بعد سلسلة من التحديات والتداعيات التي أثّرت على أدائها المالي والتشغيلي.
وتسعى بوينغ إلى تثبيت الإنتاج عند 38 طائرة شهريًا كحد أدنى مستقر، وهو الرقم الذي وافقت عليه إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) مؤخرًا.
ورغم التقدّم الملحوظ في عمليات التصنيع، يتعيّن على بوينغ إثبات قدرتها على الحفاظ على الجودة الصارمة ومعايير السلامة بنفس وتيرة الإنتاج، قبل أن تتقدّم بطلب رسمي لزيادة الحد الأقصى المسموح به.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس للغاية بالنسبة للشركة، التي تكبّدت خسائر تجاوزت 12 مليار دولار خلال عام 2024، نتيجة عدة عوامل أبرزها تباطؤ التسليمات، والتكاليف الإضافية المرتبطة بعمليات السلامة، والضغوط القانونية المتعلقة بحوادث سابقة للطراز نفسه.
ويُعدّ طراز 737 ماكس العمود الفقري للتدفقات النقدية لدى بوينغ، حيث يمثّل الجزء الأكبر من الطلبات الحالية لدى الشركة، كما يعتمد عليه جزء كبير من خطط التوسع المستقبلية لأساطيل العديد من شركات الطيران حول العالم.
وتُعتبر عودة الإنتاج بهذه الوتيرة إشارة إيجابية للسوق، لكنها تخضع لرقابة شديدة من الجهات التنظيمية، خاصة بعد أزمة تعليق الطيران التي واجهها الطراز في السنوات الماضية عقب حادثين مميتين في 2018 و2019.
ووفقًا لمصادر داخل الشركة، فإن تحقيق الاتساق في الجودة وتطبيق إجراءات الفحص الجديدة كانا من بين أولويات بوينغ في الشهور الماضية، خصوصًا بعد الضغوط التي تعرضت لها من الكونغرس الأمريكي والمستثمرين الدوليين بشأن ثقافة السلامة الداخلية.
وقد دفعت هذه التحركات إدارة FAA إلى تشديد الرقابة على خطوط التجميع والإنتاج داخل مصانع بوينغ، خاصة في مصنع "رينتون" بولاية واشنطن، حيث يتم تجميع معظم طائرات 737 ماكس.
وفي ظل تحسّن نسبي في سلاسل التوريد العالمية، تستفيد بوينغ من تسريع وتيرة الإنتاج لمواكبة الطلبات المتراكمة، والتي تتجاوز 4000 طائرة من الطراز نفسه.، حيث تأمل الشركة أن يسهم هذا التوسّع في تقوية موقفها التنافسي أمام غريمتها الأوروبية إيرباص، التي تواصل هي الأخرى تعزيز إنتاج طرازها A320neo.
هذا ومثل تسريع إنتاج 737 ماكس تحولًا استراتيجيًا لبوينغ في عام 2025، حيث تأمل في استعادة ثقة السوق وتحقيق أرباح تشغيلية تعيدها إلى مكانتها الرائدة في سوق الطيران التجاري، ولكن يظل نجاح هذا التوجّه مرهونًا بمدى التزام الشركة الصارم بمعايير السلامة والجودة التي فرضتها الجهات التنظيمية الدولية.