الصين تفرض تراخيص تصدير السيارات الكهربائية اعتبارًا من 2026

أعلنت الحكومة الصينية عن قرار يمثل تحولاً كبيراً في سياسة تصدير السيارات الكهربائية، حيث ستفرض اعتباراً من مطلع العام المقبل نظاماً للتراخيص على مصدري السيارات الكهربائية الخالصة.
وبحسب بيان مشترك صادر عن أربع وزارات صينية، سيتم تطبيق هذا النظام ابتداءً من الأول من يناير 2026، وذلك بهدف معلن هو “تعزيز التطور الصحي للتجارة في المركبات ذات أنظمة الدفع البديلة“.
يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه صادرات السيارات الكهربائية الصينية نمواً متسارعاً، مما يعكس رغبة بكين في تنظيم هذا القطاع المتنامي وضمان السيطرة على جودة المنتجات المصدرة والحفاظ على سمعة العلامات التجارية الصينية في الأسواق العالمية.
أوضح البيان المشترك الصادر عن وزارة التجارة ووزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات والإدارة العامة للجمارك والإدارة الوطنية لتنظيم السوق، أن الإجراء الجديد سيطبق تحديداً على السيارات الكهربائية الخالصة (BEVs) التي تعمل حصراً بالمحركات الكهربائية، وليس السيارات الهجينة.
وفقاً للبيان، ستتم إدارة تراخيص التصدير وفقاً لإطار قانوني معروف، وهو “إشعار بشأن مزيد من توحيد تسلسل تصدير منتجات السيارات والدراجات النارية” الصادر في عام 2012.
كما أشار البيان إلى أن “الفحص الجمركي للسيارات الكهربائية الخالصة المصدرة سيتم على أساس الكتالوج الحالي الساري للسلع المستوردة والمصدرة التي يتعين فحصها.”
يذكر أن هذا الإجراء يضع السيارات الكهربائية في نفس مستوى أنظمة التراخيص المطبقة بالفعل على أنواع أخرى من المركبات والدراجات النارية، مما يشير إلى توحيد الإجراءات عبر مختلف قطاعات صناعة السيارات الصينية.
رغم أن السبب الرسمي المعلن للقرار هو تعزيز التطور الصحي لتجارة السيارات الكهربائية، إلا أن هناك عدة دوافع أخرى يمكن استنتاجها من سياق القرار وتوقيته:
مكافحة التصدير غير المرخص
أشارت بعض التقارير إلى أن القرار يهدف إلى كبح جماح التصدير غير المرخص للسيارات الكهربائية. فمع النمو السريع لصناعة السيارات الكهربائية في الصين، تم بيع مركبات من بعض الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية في الخارج من خلال قنوات غير مصرح بها، مما أدى في كثير من الحالات إلى شكاوى بسبب قيود تحديث البرامج وخدمات ما بعد البيع غير الكافية.
تحسين جودة الخدمة وسمعة المنتج الصيني
وفقاً لتقرير من وكالة رويترز، يأتي هذا الإجراء أيضاً في إطار جهود الصين لحماية سمعة العلامات التجارية الصينية في الخارج. إذ أن ضمان تصدير السيارات الكهربائية عبر قنوات رسمية ومعتمدة يضمن توفير خدمات ما بعد البيع المناسبة ودعم المستهلكين، مما يعزز من صورة المنتجات الصينية عالمياً.
تنظيم المنافسة السعرية
كما يرمي القرار إلى معالجة مشكلة المنافسة السعرية بين المصدرين، والتي قد تؤدي إلى تدهور الأسعار وإضعاف ربحية القطاع. من خلال نظام التراخيص، يمكن للحكومة الصينية ضمان عدم تقويض الشركات لبعضها البعض في الأسواق الخارجية.
تعزيز الرقابة الحكومية
يمنح نظام التراخيص الجديد السلطات الصينية سيطرة أكبر على صادرات السيارات الكهربائية، مما يتيح لها تحديد الشركات المسموح لها بالتصدير والنماذج التي يمكن شحنها للخارج. هذا يمكّن بكين من استخدام صادرات السيارات الكهربائية كأداة سياسية محتملة، تماماً كما فعلت مع المعادن النادرة.
تأثير القرار على سوق السيارات الكهربائية العالمي
سيؤثر هذا القرار بشكل كبير على سوق السيارات الكهربائية العالمي، خاصة مع تزايد أهمية الصين كمصدر رئيسي لهذه المركبات:
أرقام الصادرات الحالية
وفقاً لبيانات من جمعية سيارات الركاب الصينية (CPCA)، صدرت الصين 220 ألف سيارة كهربائية خالصة في أغسطس 2025، بزيادة 48% على أساس سنوي، وهو ما يمثل 31% من إجمالي صادرات السيارات. ومن يناير إلى أغسطس 2025، صدرت الصين 1.44 مليون سيارة كهربائية خالصة، بزيادة 27% على أساس سنوي.
حالياً، تعتبر أسواق الاتحاد الأوروبي الوجهات الرئيسية لصادرات السيارات الكهربائية الصينية، في حين يشهد الطلب في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط تقلبات كبيرة.
تأثير القرار على الشركات العالمية والصينية
لا يقتصر تأثير هذا القرار على شركات السيارات الصينية فحسب، بل يمتد ليشمل الشركات العالمية التي تنتج سياراتها الكهربائية في الصين للتصدير.
على سبيل المثال، تبني مجموعة فولكس فاجن سيارة كوبرا تافاسكان حصرياً في الصين، كما تستخدم تسلا مصنعها في شنغهاي كمركز للتصدير، حيث تباع سيارة Model Y المصنعة هناك في جميع أنحاء آسيا بالإضافة إلى الصين، بينما تباع Model 3 حتى في أوروبا.
المخاوف من استخدام التراخيص كأداة سياسية
يثير القرار مخاوف من أن تواجه صادرات السيارات الكهربائية وضعاً مشابهاً لما حدث مع المعادن النادرة. فبعد حظر التصدير في منتصف أبريل رداً على نزاع التعريفات الجمركية الذي بدأه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سمحت بكين باستئناف الصادرات في يونيو، ولكن فقط بشروط صارمة.
منذ ذلك الحين، كانت هناك تقارير متكررة عن مشاكل في تراخيص تصدير المعادن النادرة، جزئياً بسبب أوقات المعالجة الطويلة للغاية للطلبات، وجزئياً بسبب التعسف المزعوم في منحها.