رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

المغرب يقتحم عالم صناعة الطيران المتقدمة.. “سافران” تطلق أول خط لتجميع محركات إيرباص في إفريقيا

الثلاثاء 21/أكتوبر/2025 - 12:05 ص
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في إنجاز تاريخي يعكس ثقة كبرى الشركات العالمية في القدرات الصناعية للمغرب، أعلنت شركة سافران الفرنسية Safran  الرائدة عالميًا في تصنيع أنظمة الطيران والدفع ،عن إطلاق أول خط لتجميع محركات LEAP-1A الخاصة بطائرات إيرباص A320neo خارج الأراضي الفرنسية، وذلك في مدينة الدار البيضاء المغربية.

ويُعد هذا المشروع، الذي تصل استثماراته إلى 200 مليون يورو، خطوة استراتيجية ضخمة ستجعل من المغرب مركزًا صناعيًا محوريًا لصناعة الطيران في شمال إفريقيا، بما يعزز مكانة المملكة كمحور عالمي في سلاسل التوريد المتقدمة.

 مصنع عالمي بمعايير المستقبل

من المقرر أن يبدأ المصنع الجديد التابع لـ شركة سافران في المغرب إنتاجه الكامل عام 2028 بطاقة سنوية تصل إلى 350 محركًا، وهو ما يعادل 25٪ من إنتاج سافران العالمي لمحركات إيرباص.


كما يتضمن المشروع إنشاء مركز صيانة وإصلاح (MRO) متكامل في الموقع نفسه، سيكون قادرًا على خدمة وصيانة 150 محركًا سنويًا بحلول عام 2027، مما يجعل من الدار البيضاء مركزًا إقليميًا لخدمات الصيانة والإصلاح للطائرات التجارية في القارة الإفريقية.

ووفقاً لبيان رسمي صادر عن مجموعة سافران، فإن اختيار المغرب لتدشين هذا المشروع لم يكن صدفة، بل نتيجة سنوات من التعاون الناجح والثقة المتبادلة بين فرنسا والمملكة المغربية في مجالات التكنولوجيا والطيران والهندسة الميكانيكية الدقيقة.

 ثقة عالمية في الكفاءات المغربية

أكدت الشركة الفرنسية أن هذا التوسع يعكس إيمانها بالكفاءات البشرية المغربية، التي أثبتت قدرتها على مواكبة التطور الصناعي العالمي في قطاع الطيران.
فقد شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في التعليم الهندسي والتدريب الصناعي، خاصة في معاهد مثل المدرسة الوطنية العليا للطيران والفضاء (ENSAM) ومعهد مهن الطيران والصيانة (IMA)، وهو ما جعل من الكفاءات المغربية عنصر جذب للمستثمرين العالميين.

وأشار المتحدث باسم شركة Safran إلى أن المصنع الجديد سيعمل وفق أحدث معايير الاستدامة البيئية وكفاءة الطاقة، كما سيوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما سيساهم في دعم الاقتصاد الوطني المغربي وتعزيز الابتكار في القطاع الصناعي.

 الدار البيضاء.. عاصمة الطيران الإفريقي

بفضل موقعها الجغرافي الفريد وقربها من أوروبا، تحولت الدار البيضاء إلى مركز استراتيجي رئيسي لصناعة الطيران في القارة الإفريقية.
ويضم "القطب الصناعي للطيران" في المدينة أكثر من 140 شركة متخصصة في تصنيع وتجميع أجزاء الطائرات والمكونات الإلكترونية والأنظمة الميكانيكية الدقيقة.

ويُعد دخول شركة سافران الفرنسية بهذا الحجم من الاستثمار خطوة تعزز مكانة المغرب كمركز تصدير رئيسي للتكنولوجيا العالية High-Tech نحو أوروبا وأمريكا، كما يرسخ العلاقات الاقتصادية الفرنسية المغربية الممتدة منذ عقود في مجال الصناعات الجوية والدفاعية.

 شراكة فرنسية مغربية نحو الطيران المستدام

يأتي هذا المشروع في إطار التعاون الوثيق بين المغرب وفرنسا لتعزيز التحول نحو صناعة طيران أكثر استدامة وكفاءة بيئية.
فمحركات LEAP-1A، التي سيتم تجميعها في المغرب، تُعتبر من أكثر المحركات كفاءة في استهلاك الوقود وانخفاضاً في الانبعاثات الكربونية مقارنة بالموديلات السابقة بنسبة تصل إلى 15٪، وهي نفس المحركات التي تعتمدها شركات عالمية كبرى مثل Airbus وBoeing في طرازاتها الحديثة.

وأكدت وزارة الصناعة والتجارة المغربية أن هذا الاستثمار ينسجم تماماً مع رؤية المملكة في تطوير قطاع الصناعات المتقدمة ضمن استراتيجية “صُنع في المغرب”، التي تهدف إلى جعل المغرب مركزًا عالمياً لتقنيات المستقبل في مجالات الطيران، والذكاء الصناعي، والطاقة النظيفة.

 بنية تحتية متكاملة لصناعة الطيران

يستفيد المشروع من البنية التحتية المتميزة للمغرب، سواء من حيث الموانئ والمطارات وشبكات النقل، أو من حيث توفر مناطق صناعية مجهزة خصيصاً للصناعات الجوية مثل منطقة “ميدبارك” في النواصر القريبة من مطار محمد الخامس الدولي.

وقد جذبت هذه البيئة الصناعية العديد من الشركات العالمية مثل بوينغ، بومباردييه، إيرباص، وThales، مما جعل المغرب من أسرع الدول نموًا في مجال صناعة الطيران خلال العقد الأخير.

 مستقبل واعد لصناعة الطيران المغربية

مع افتتاح خط تجميع محركات Airbus LEAP-1A ومركز الصيانة المتطور، يتوقع خبراء الصناعة أن يتحول المغرب إلى مركز رئيسي لتجميع وصيانة المحركات في إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعزز من تنافسية قطاع الطيران المغربي عالميًا.

كما يُنتظر أن يدفع المشروع نحو نقل التكنولوجيا وتطوير المهارات المحلية في مجالات الهندسة الميكانيكية، الإلكترونيات الدقيقة، الذكاء الصناعي والتحكم الآلي.

وفي الوقت الذي تتجه فيه صناعة الطيران العالمية نحو التحول الرقمي والطاقة المستدامة، فإن انخراط المغرب في هذه المنظومة الصناعية المتقدمة سيجعله من أبرز اللاعبين الجدد في السوق الدولية للطيران.

هذا وإن إطلاق سافران أول خط لتجميع محركات إيرباص في المغرب ليس مجرد توسع صناعي، بل نقطة تحول استراتيجية تضع المملكة في قلب صناعة الطيران الحديثة، وتؤكد أن الاستثمار في الكفاءات المغربية هو الاستثمار في المستقبل.


فما بين رؤية المغرب الصناعية المتطورة والخبرة الفرنسية العريقة، تتشكل اليوم شراكة رائدة تعيد رسم خريطة الطيران في إفريقيا والعالم.


                                           
ads
ads
ads