رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

كائن منقرض اسمه «الذوق»

الثلاثاء 10/نوفمبر/2020 - 04:18 م
عاطف عبد الفتاح صبيح
عاطف عبد الفتاح صبيح
عاطف عبد الفتاح صبيح
طباعة
عن الذوق نتكلم.. يااااااه!! فاكرين الكلمة دى؟ فاكرين آخر مرة سمعناها؟ من فترة كنا نسمعها فى جملة أكلاشيه استعراضية شخطية نطرية: "أنت ما عندكش ذوق؟!"

ولكن يبدو أنها دابت من كثرة الاستعمال فى كل مكان، ففقدت معناها، ثم فقدت حروفها.

ولأننا لا يمكن أن نقول: "أنت ما عندكش........؟" لأنها جملة غير مفيدة.. جملة ناقصة بدون اسم "ما" المرفوع بالضمة (اللى هو ذوق)؛ انقرضت الجملة كلها، حتى أصبح مجرد التلميح بها شيئًا يستوجب الدهشة، التى تثير الاشمئزاز، وفى بعض الحالات الإشفاق على ذلك الكائن الساقط من قفة الماضى التليد.

لا أظن أنى مضطر لعرض بعض نماذج من انعدام الذوق، فأنتم تقابلونها يوميًّا، بل وساعاتيًّا فى كل مكان من المنزلة لغاية أسوان.

لهذا فإن أصحاب النظرية الاقتصادية البرجوازية التى تفسر كل شىء بالفلوس يكسبون نقطة هنا فى تفسير انحطاط السلوك الإنسانى.

ولا يكسبونها لصحة نظريتهم، وإنما لأن تزامُن انقراض الكلمة بالهوة السحيقة والحفرة العميقة الاقتصادية خدمهم هذه المرة.

ولكن التاريخ يخبرنا أن الناس عندما كانوا حفاة ويرقعون ملابسهم ويوفرون غداهم، كان عندهم فى بيوتهم وفى الشوارع والحوارى وأماكن التجمعات ذلك الكائن المستأنس المنقرض الذى يدعى "ذوق". تصوروا! كانوا يربونه فى بيوتهم، ويأخذونه معهم فى كل مكان يذهبون إليه.

وأنا لست نبيًّا لأحقق معجزة بأن أفهِّم الناس معنى الذوق، ولست إلهًا لأقنعهم به. عمومًا اقرءوا هذه الكلمة من باب العلم بالشىء لا أكثر.. مع اعتذارى لأصحاب الأدمغة المستنيرة؛ لأن هذه الكلمة ستجرح مشاعرهم.. وهذا من باب الذوق.

أما أهلى ووطنى والمجتمع والناس.. الذين يهفُّهم الشوق لهذه الكلمة التى وعوا على الدنيا عليها، فيمكنهم أن يبدءوا السلم من نهايته.. يبدوءه خطوة خطوة: "أنت ما عندكش .....؟"

ثم: "أنت ما عندكش ذ....؟"

بعدها: "أنت ما عنكدش ذو...؟

وأخيرًا: "أنت ما عندش ذوق؟"
أرأيتم؟ سهلة.. 3 درجات فقط وتصلوا للكلمة.. كرروها كثيرًا.. لا تملوا من التكرار.. وتكرار وراء تكرار يتعلم الشطار. فقانون الاحتمالات يقول: فى كل 10 مليون محاولة احتمال تصدق واحدة ونسمع أخيرًا: "آه عندى ذوق".. وبالتكرار مع كل 10 مليون محاولة نكتسب فردًا جديدًا متذوقًا آخر ذوق، ومع مداومة تكرار الـ 10 مليون محاولة كل 10 مليون مرة، فإننا بعد 10 مليون سنة – كما يؤكد قانون الاحتمالات – سنجد هذه الكلمة فى حياتنا عادية ومن استخداماتنا اليومية.. سنجدها ولكن فى الآخرة.

                                           
ads
ads
ads