هارب من كتاب ألف ليلة بقلم الكاتب محمد شلبي
أنا ياسيدتي ﻻ أصلح لهذا الزمان فأنا رجل من زمن اﻷساطير ...شخصية وهمية هاربة من كتاب ألف ليلة وليلة ..مازلت أبحث عن اﻷميرة المسحورة وأترصد العنقاء وأحارب مع سندباد وأجوب بحار العشق المسجورة وأسكن غابات الفراشات وأشرب من نبع الضوء وأغتسل في عين القمر ..تطاردني الساحرات الملعونات ..دخلت كهوف الخوف وثملت بخمرة الموت ونجوت في اللحظات اﻷخيرة فأنا نصف إنسان ونصف إله ...بالله عليك ياسيدتي اتركيني فأنا مجرد كلمات حبر على ورق وهم مصنوع من الخيال ..فارس بدون سيف يحارب طواحين الهواء ..بطل من أبطال حكايات اﻷطفال ..أقدم لهم شراب اﻷحلام في كؤوس النوم ليسافروا بعيدا حيث تسكن الملائكة قلوب اﻷزهار وتداعب اﻷمواج الزرقاء جنيات البحر ...مكتوب ياسيدتي في الصفحة اﻷولى من الحكاية تحذير :عزيزي الطفل ؛ البطل في هذه الرواية محض خيال ..ألم يصافح عينيك هذا التحذير ؟
قالت : قرأته وﻷنني لست طفلة قررت الهروب من الواقع ﻷعيش معك في عالمك البكر فمن السهل أن يعيش الواقع في أرض اﻷحلام ولكن من المستحيل أن يعيش الحلم على أرض الواقع قلت لها : نعم ياسيدتي الحلم ﻻ يعيش على أرض الواقع ولكن قرار هروبك هو أبعد مايكون عن العقل وأقرب مايكون للجنون ستصبحين معلقة بين اﻷرض والسماء ..ﻻأنت ملاك يحلق في فضاءات جنة الوهم الرحبة وﻻأنت إنسان ..ﻻأنت خيال لنعيش معا في مدن الوهم اللذيذ وﻻأنت روح وﻻأنت جسد ....ستقفين على نصل السيف الفاصل بين جنة الخيال ونار الجسد ستشعرين بالجوع يحرقك ويشعل النار في مضجعك ويحول أحلامك لكوابيس فالنوم يهرب من عيون الجوعى ..وفي مملكة الحلم ﻻ نصنع خبزا للجسد بل نصنع خبزا للروح فالخيال قد يمنحك صورة للدفء ولكن لن يمنحك الدفء ..وقد يمنحك صورا للبهجة مجرد صور تجعل واقعك أشد قسوة . ..ولن تستطيعي البقاء مسجونة بين سطور حكاية أسطورية عالقة مع بطل وهمي معلقة بين الواقع والخيال وفارسك المزعوم يقف حائرا عاجزا ﻻ يستطيع إخماد نيران جوعك التي تنهشك ﻷنه بطل من ابطال حكايات اﻷطفال ..ووهم في قصة من قصص الخيال التي تنقلك بعيدا هربا من الواقع ..فكيف بالله عليك أن يلتقي الخيال الهارب بالواقع ؟؟؟
