وزير الرى: تحديات كبيرة تواجه قطاع المياه فى مصر
الخميس 20/يناير/2022 - 09:10 م
محمد شداد
طباعة
أكد الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى أن هناك تحديات كبيرة تواجه قطاع المياه فى مصر، وعلى رأسها الأفعال الأحادية لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى، والزيادة السكانية، ومحدودية الموارد المائية، والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.. مشيرا إلى أن مصر تعد من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى، وتعتمد بنسبة 97٪ على مياه نهر النيل، وتصل احتياجات مصر المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنويا يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ 60 مليار متر مكعب سنويا، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنويا.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير الموارد المائية والرب فى ندوة "المياه.. أداة للتنمية المستدامة.. النموذج المصرى"، وذلك بالجناح المصرى ضمن فعاليات أسبوع "الأهداف العالمية" والمنعقد على هامش معرض إكسبو دبى 2020 والمقام بمدينة دبى بالإمارات.
وقدم الدكتور عبدالعاطى عرضا تقديميا يستعرض فيه الموقف المائى المصرى تحت عنوان "التحديات.. الفرص.. المشروعات الحالية والمستقبلية".. مشيرا إلى أنه لمواجهة هذه التحديات وضعت وزارة الرى خطة لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بالتعاون مع كافة الوزارت المعنية باستثمارات تتجاوز الـ 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، تهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حاليا وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه، وتم خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية.
ولفت وزير الرى إلى عملية التطوير الشاملة للمنظومة المائية، والتى تقوم الوزارة بتنفيذها حاليا، بما ينعكس إيجابيا على المزارعين بالمقام الأول، مستعرضا التجربة المصرية الناجحة فى تأهيل الترع والمساقى، والتى تستهدف تأهيل 20 ألف كيلومتر من الترع الفرعية، والتى حققت العديد من المكاسب للمزارعين ولمنظومة الرى، مثل حدوث تحسن كبير فى عملية إدارة وتوزيع المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع، وحصول كافة المزارعين على الترعة على حصتهم من المياه فى الوقت المناسب، وتحسين نوعية المياه بالترع مع إزالة الحشائش وامتناع المواطنين بشكل واضح عن إلقاء المخلفات بالترع المؤهلة، ورفع القيمة السوقية للأرض الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، بالإضافة للتأثير الإيجابى على الصحة العامة واحتواء انتشار الأمراض، بالإضافة للمردود البيئى والجمالى.
كما أشار إلى المجهودات المبذولة فى مجال التحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث، والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى من خلال بروتوكول التعاون الموقع بين وزارات الرى والزراعة والمالية والبنك الأهلى المصرى والبنك الزراعى المصرى لتوفير الدعم الفنى والمالى اللازم لتحديث منظومة الرى الخاصة من خلال تأهيل المساقى ولستخدام نظم الرى الحديث فى زمام 3.7 مليون فدان من الأراضى القديمة خلال 3 سنوات، بالإضافة لعقد العديد من المؤتمرات الموسعة والندوات التوعوية بالمحافظات للتعريف بخطة الوزارة لتنفيذ مشروعات تأهيل المساقى والتحول للرى الحديث.
وأكد الوزير أهمية التوعية بقضايا المياه، والتى نجحت على سبيل المثال فى قيام المزارعين بالتحول لنظم الرى الحديث فى زمام 800 ألف فدان على نفقتهم الخاصة، نظرا لما تم رصده من زيادة الانتاحية المحصولية بنسبة تصل الى 30 - 40٪ وانخفاض تكاليف الأسمدة والعمالة والطاقة وانعكاس ذلك على زيادة ربحية المزارعين.
وأوضح أنه يتم التوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعى لتحقيق الأمن الغذائى ومواجهة التصحر
، حيث يصل إجمالى المياه التى يتم معالجتها من محطات بحر البقر والحمام والمحسمه 15 مليون م3/يوم، وأن هذه المشروعات تسهم فى منع تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتحسين البيئة بشرق وغرب الدلتا.
وأضاف أن المسارين الناقلين للمياه فى مشروعى بحر البقر والحمام يشكلان ستارة مياه لتقليل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفيه بشرق وغرب الدلتا بأطوال حوالى 120 كم.. مشيرا إلى أنه بإنتهاء مشروعات معالجة وتدوير المياه فى بحر البقر والحمام ستصبح مصر أكبر دول العالم فى إعادة استخدام المياه وتصل بعدد مرات التدوير لأربع مرات.. مؤكدا أنه تم تحويل مياه الصرف ذات الملوحة العالية من مشكلة لفرصة للتنمية ومواجهة الاحتياجات المتزايدة، ومشيرا إلى أن كثير من دول العالم طلبت الاستعانة بخبرة مصر فى إعادة الاستخدام وتحويل المياه العادمة إلى مورد.
كما أشار عبدالعاطى إلى قضية التغيرات المناخية والتى تعد من أهم القضايا التى يواجهها العالم فى الوقت الحالى، نظرا للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على كافة مناحى الحياة، وخاصة التأثيرات السلبية على الموارد المائية، والمتمثلة فى نقص كميات المياه والحاجة لإعادة استخدامها أكثر من مرة، الأمر الذى يؤدى لتدهور نوعية المياه، وبالتالى انتشار الأوبئة والجوائح التى يعانى منها العالم.
وأضاف أن زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة سيؤدى لانتشار الفقر وتراجع مستوى المعيشة، الأمر الذى يمثل بيئة خصبة للجماعات المتطرفة، بالإضافة للتأثيرات السلبية الأخرى مثل تراجع الإنتاج الغذائى حول العالم، والتسبب فى ارتفاع منسوب سطح البحر، والذى يهدد الأراضى المنخفضة حول العالم ومنها دلتا نهر النيل، والتأثير غير المتوقع على كميات الأمطار بمنابع الأنهار، الأمر الذى يضع قطاع المياه على رأس القطاعات المتأثرة سلباً بالتغيرات المناخية.. مؤكدا أن الآثار السلبية للتغيرات المناخية أصبح واقعا نشهده الآن فى العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة، وأن 70% من الكوارث الطبيعية فى العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها.
وفى ضوء التعامل مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، قال وزير الرى إن الوزارة تنفذ مشروعات للحماية من أخطار السيول وأعمال حماية الشواطئ المصرية، حيث تم خلال السنوات الماضية تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول، والتى أسهمت فى حماية الأفراد والمنشآت وحصاد مياه الأمطار التى تستفيد منها التجمعات البدوية فى المناطق المحيطة بأعمال الحماية، كما تم ويجرى تنفيذ العديد من أعمال حماية الشواطئ لحماية السواحل المصرية من ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية، حيث تم تنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 120 كيلومترا والعمل فى حماية أطوال أخرى تصل إلى 110 كيلومترات، مع تنفيذ تجارب رائدة فى استخدام تقنيات قليلة التكلفة فى أعمال الحماية، مثل مشروع حماية الطريق الساحلى الدولى بمحافظة كفر الشيخ.
وأضاف أن الوزارة تنفذ العديد من المشروعات الكبرى لإعادة تأهيل المنشآت المائية، وتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية فى هذه الآبار، بالاضافة للاعتماد على التكنولوجيا فى العديد من أعمال الوزارة مثل استخدام صور الأقمار الصناعية فى الإنذار المبكر والتنبؤ بالأمطار وتحديد مساحات الأراضى الزراعية والتركيب المحصولى، واستخدام منظومة التليمترى فى قياس المناسيب بالمواقع الهامة بالترع والمصارف، وتشغيل الآبار الجوفية عن بعد.
واستعرض الدكتور عبدالعاطى مجهودات وزارة الرى فى مجال التطوير التشريعى وتدريب المتخصصين وزيادة الوعى المائى.. لافتا إلى قانون الموارد المائية والرى الجديد الذى تمت الموافقة عليه بشكل نهائى فى مجلس النواب وجارى حاليا إعداد لائحته التنفيذية، وتنفيذ العديد من البرامج التدريبية للعاملين بالوزارة، بالاضافة لتنفيذ العديد من حملات التوعية بين المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من الهدر والتلوث، فضلا عن تنظيم العديد من المسابقات خلال أسبوع القاهرة للمياه تشمل المزراعين وطلاب المدارس والجامعات والحاصلين على الماجستير والدكتوراة.
وأشار إلى ما تمثله اللقاءات الدولية المعنية بالمياه من أهمية كبرى فى زيادة الوعى بقضايا المياه، وتحقيق التنسيق والتعاون بين مختلف دول العالم فى مجال المياه، الأمر الذى ينعكس على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه فى العديد من دول العالم.
وأكد أن التعاون بين مصر والدول الأفريقية يعد إحدى العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبنى على أسس من الأخوة وتبادل الخبرات.. مشيرا إلى أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل والتى يصل عددها إلى 15 سدا مثل خزان أوين بأوغندا الذى ساهمت مصر فى بناءه قبل بدء إنشاء السد العالى بعشر سنوات، بالإضافة للعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس التى لم تعترض مصر على انشائها، ولكن إنشاء سد ضخم مثل سد النهضة، وبدون وجود تنسيق بينه وبين السد العالى هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذى يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين فى إطار اتفاق قانونى عادل وملزم، وهو الأمر الذى ترفضه إثيوبيا، على الرغم من أن مصر عرضت على إثيوبيا العديد من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85% فى أقصى حالات الجفاف.
وأوضح أن 40 مليون فرد فى مصر يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسى للدخل، ويصل نصيب الفرد فى مصر من المساحات الى 0،10 هكتار.
كما أشار إلى ما تتمتع به دول منابع النيل من وفرة مائية كبيرة، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل إلى (1600 - 2000) مليار متر مكعب سنويا من المياه، فى الوقت الذى لا يتجاوز فيه كمية الامطار المتساقطة على مصر 1.3 مليار متر مكعب سنويا، حيث تمتلك دول الحوض عشرات الملايين من الأفدنة التى تروى مطريا، كما تمتلك إثيوبيا على سبيل المثال إمكانات كبيرة من المياه الجوفية المتجددة والتى تصل إلى 35 مليار متر مكعب سنويا وتقع على أعماق من (20-50) متر فقط من سطح الأرض، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياه غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار، كما تمتلك بعض هذه الدول أنهار أخرى غير نهر النيل مثل إثيوبيا التى يوجد بها 12 نهرا، كما تمتلك دول حوض النيل بحيرات ضخمة مثل بحيرات تنجايقا وتانا وفيكتوريا.. موضحا أنه لا توجد مشكله مياه فى دول منابع النيل، ولكن هناك حاجه لتحسين عملية إدارة المياه بهذه الدول.
كما استعرض عبدالعاطى مشروع الممر الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، والذى يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحى وطريق سريع وخط سكة حديد وربط كهربائى وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.. مشيرا إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الإقليمى ويجمع دول الحوض باعتبار أن النقل النهرى بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع التأكيد على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل وتقليل معدل الفقر، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة فى النظام الاقتصادى العالمى، فضلا عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع والتى تتمثل فى "قارة واحدة.. نهر واحد.. مستقبل مشترك".