رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

تنافس عالمي على سماء أفريقيا: شراكات تركية وقطرية وتمدّد إماراتي يعيد رسم خريطة الطيران في القارة

السبت 06/ديسمبر/2025 - 09:05 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة


تشهد القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة سباقًا متسارعًا بين شركات الطيران العالمية للاستحواذ على أكبر حصة من سوق السفر الجوي، الذي يُعد اليوم من أسرع الأسواق نموًا على مستوى العالم.

 ومع النمو السكاني المتزايد، وتوسع الاقتصادات الناشئة، وتطور البنية التحتية للمطارات، أصبحت أفريقيا وجهة استراتيجية للعديد من شركات الطيران الكبرى التي تسعى إلى تعزيز وجودها وتوثيق شراكاتها داخل القارة.

في هذا السياق، برزت ثلاث شركات كبرى في الواجهة: الخطوط الجوية التركية، الخطوط الجوية القطرية، وطيران الإمارات، حيث تعمل كل منها بخطط مختلفة لكنها تتفق في هدف واحد: السيطرة على سوق ضخم يضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، ويمتلك فرص نمو غير مسبوقة.

الخطوط التركية.. توسع جغرافي وشراكات إستراتيجية لتعزيز النفوذ في أفريقيا

تُعد الخطوط الجوية التركية واحدة من أكثر الشركات نشاطًا في ملف التوسع الأفريقي. فبعد سنوات من رفع عدد وجهاتها في القارة، اتخذت الشركة خطوة جديدة عبر اتفاق شراكة مع الخطوط الجوية الجنوب أفريقية، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران بالقارة.

تهدف هذه الشراكة إلى:

  • دعم شبكة الخطوط التركية داخل أفريقيا عبر الاستفادة من مراكز عمليات SAA.

  • تسهيل الربط بين الرحلات لزيادة تدفق المسافرين بين أفريقيا وأوروبا وآسيا.

  • توسعة خيارات السفر الداخلي للمسافرين القادمين على متن الخطوط التركية إلى جنوب أفريقيا والدول المجاورة.

هذا التعاون يُعد امتدادًا لاستراتيجية الخطوط التركية التي نجحت في بناء شبكة واسعة داخل القارة تشمل أكثر من 60 وجهة، لتصبح الشركة الدولية الأكثر حضورًا في أفريقيا من حيث عدد الوجهات.

ورغم المنافسة القوية، تواصل الشركة الاستثمار في القارة، مستفيدة من قوتها في التشغيل وامتلاكها أحد أكبر الأساطيل في العالم. 

ومن المتوقع أن يساهم التعاون مع الجنوب أفريقية في تعزيز مكانتها على المسارات الإقليمية وزيادة عدد الركاب عبر إسطنبول، التي أصبحت اليوم نقطة ربط رئيسية للمسافرين من وإلى أفريقيا.

الخطوط القطرية.. أكبر شبكة شراكات أفريقية ورقم قياسي في الرحلات اليومية

تمثل أفريقيا أحد أهم ركائز استراتيجية النمو لدى شركة الخطوط الجوية القطرية، التي وضعت القارة في مقدمة أولوياتها، سواء عبر بناء شبكة وجهات مباشرة، أو عبر شراكات مع 36 شركة طيران أفريقية، وهو الرقم الأكبر بين جميع شركات الطيران العالمية.

وتشغل القطرية اليوم 30 رحلة يوميًا نحو أفريقيا، متفوقة بذلك على معظم شركات الطيران الكبرى في الشرق الأوسط وأوروبا. وتشمل استراتيجيتها:

  • الاستثمار في شركات أفريقية بهدف تطوير قدراتها وتحسين جودتها التشغيلية.

  • عقد شراكات تبادل الرموز (Codeshare) مع أكبر الشركات الأفريقية مثل روانداير، وإثيوبيان إيرلاينز، وساوث أفريكان إيروايز.

  • ربط أفريقيا بالعالم عبر مطار حمد الدولي الذي صار مركزًا عالميًا بخدمات متقدمة.

وتذهب بعض التقارير إلى أن قطر Airways تستعد لتعزيز حضورها أكثر عبر الاستثمار في مشاريع الطيران والمطارات داخل القارة، بما في ذلك خطط توسعية مشتركة في شرق أفريقيا وجنوبها.

هذه الاستراتيجية منحت القطرية مكانة قوية باعتبارها شركة تربط أفريقيا بالعالم بأكبر شبكة تشغيلية، كما ساعدتها في تعزيز مكانتها لدى المسافرين الأفارقة الذين يبحثون عن جودة الخدمة والربط السلس إلى وجهات آسيا وأوروبا وأمريكا.

طيران الإمارات.. زيادة قياسية في الرحلات إلى جوهانسبيرغ ونيروبي

أما طيران الإمارات، فتتبع استراتيجية مختلفة تقوم على رفع الطاقة التشغيلية على أهم مساراتها في أفريقيا، مع التركيز على المدن ذات النمو الاقتصادي المرتفع. وفي هذا الإطار، أعلنت الشركة زيادة رحلاتها إلى:

  • جوهانسبيرغ إلى 4 رحلات يوميًا

  • نيروبي إلى 3 رحلات يوميًا

هذه الزيادات ليست مجرد توسع عددي، بل هي استجابة مباشرة للطلب المتزايد على السفر للأعمال والسياحة بين أفريقيا ودبي، وكذلك لزيادة حركة التجارة التي تعتمد بشكل كبير على الشحن الجوي.

وتتميز طيران الإمارات بحضور قوي في أفريقيا بفضل:

  • تشغيل طائرات A380 في عدة وجهات أفريقية.

  • شبكة شحن قوية تدعم التصدير الزراعي والصناعي.

  • ربط مباشر وسلس عبر دبي إلى الشرق الأقصى وأوروبا والأمريكيتين.

وتسعى الشركة لتعويض التراجع المؤقت الذي حدث خلال فترة الجائحة عبر إعادة تشغيل رحلاتها بالكامل وزيادة السعة المقعدية على الوجهات الأكثر نشاطًا.

لماذا تتسابق الشركات الكبرى على أفريقيا؟

هناك عدة أسباب رئيسية تجعل القارة الأفريقية مركزًا مغريًا للتوسع:

  1. نمو سكاني ضخم يجعل الطلب على السفر في ارتفاع مستمر.

  2. عودة انتعاش اقتصادي واسع في دول مثل كينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا.

  3. ضعف الربط الجوي داخل القارة مما يخلق فرصة للشركات الأجنبية لملء الفراغ.

  4. زيادة الاستثمارات الأجنبية التي ترفع حركة السفر التجارية.

  5. توجه دول أفريقية لتطوير مطارات جديدة وتعزيز بنية الطيران.

مستقبل المنافسة: من يسيطر على سماء أفريقيا؟

من الواضح أن المشهد يتجه نحو منافسة أشد خلال السنوات المقبلة. فالخطوط التركية تعزز حضورها بالشراكات، والقطرية توسّع شبكتها واستثماراتها، وطيران الإمارات تضخ مزيدًا من السعة التشغيلية إلى أكبر المدن الأفريقية.

وفي ظل سباق كهذا، ستكون أفريقيا الرابح الأكبر؛ إذ ستستفيد من:

  • انخفاض أسعار التذاكر نتيجة التنافس.

  • تحسين جودة الخدمات.

  • زيادة الربط الجوي بين مدن القارة والعالم.

  • تنشيط حركة السياحة والتجارة.

وهكذا، تتحول أفريقيا بسرعة إلى ساحة تنافس عالمية تستقطب أكبر شركات الطيران، لتصبح القارة خلال سنوات قليلة واحدة من أهم مراكز النمو في صناعة الطيران العالمية.

                                           
ads
ads
ads