لأول مرة في تاريخ الطيران.. نظام آلي يهبط بطائرة كاملة دون تدخل بشري
في سابقة تُعد الأولى من نوعها في تاريخ الطيران المدني، شهدت الولايات المتحدة حادثة استثنائية أكدت التطور الكبير في أنظمة السلامة الجوية، بعدما نجح نظام هبوط آلي في إنزال طائرة اضطراريًا دون أي تدخل بشري من الطيار، وإنقاذ جميع من كانوا على متنها.
ففي يوم السبت الموافق 20 ديسمبر، أقلعت طائرة من طراز B200 Super King Air، وتحمل رقم التسجيل N479BR، من مطار أسبن بولاية كولورادو متجهة إلى مطار دنفر. وبعد وقت قصير من الإقلاع، تعرض الطيار الوحيد على متن الطائرة لحالة صحية طارئة أفقدته الوعي بالكامل، ما وضع الركاب في موقف بالغ الخطورة.
وفي ظل غياب قدرة الطيار على التحكم بالطائرة، بادر أحد الركاب إلى تشغيل زر AUTOLAND، وهو نظام هبوط طارئ آلي متطور من تطوير شركة Garmin، ليبدأ النظام فورًا في السيطرة الكاملة على الطائرة، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الطيران.
وبمجرد تفعيله، تولى نظام Garmin Emergency Autoland إدارة الرحلة بشكل كامل، حيث قام بإرسال رسائل صوتية تلقائية إلى مراقبة الحركة الجوية، أوضح خلالها وجود حالة “pilot incapacitation” أي فقدان الطيار للوعي، كما أعلن النظام نيته تنفيذ هبوط اضطراري على المدرج 30 بمطار BJC، مع تزويد برج المراقبة بتحديثات مستمرة ودقيقة عن موقع الطائرة والمسافة المتبقية ووقت الوصول المتوقع.
وخلال مراحل الطيران والاقتراب النهائي، أظهر النظام كفاءة عالية، حيث قام تلقائيًا بتهيئة الطائرة للهبوط، بما في ذلك إنزال معدات الهبوط وضبط القلابات (Flaps)، مع التحكم الكامل في السرعة والاتجاه، وصولًا إلى تنفيذ هبوط آمن وسلس على المدرج المحدد، دون أي تدخل بشري.
ولم يتوقف دور النظام عند هذا الحد، بل قام بعد الهبوط بإيقاف المحركات تلقائيًا وتأمين الطائرة بالكامل، ما أسهم في حماية الركاب ومنع أي مخاطر إضافية على أرض المطار.
وأكدت السلطات المختصة أنه لم تُسجل أي إصابات بين الركاب، فيما جرى نقل الطيار لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، ولا تزال التحقيقات جارية لمعرفة حالته الصحية وأسباب فقدانه الوعي أثناء الرحلة.
ويُذكر أن نظام Garmin Autoland متوفر منذ عدة سنوات على بعض الطائرات الحديثة، إلا أن هذه الواقعة تُعد أول استخدام فعلي له في حالة طوارئ حقيقية حول العالم، ما يمثل نقطة تحول فارقة في تاريخ أنظمة السلامة الجوية، ويعزز الثقة في الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة لإنقاذ الأرواح في الظروف الحرجة.
ويرى خبراء الطيران أن هذا الحدث قد يفتح آفاقًا جديدة أمام مستقبل الطيران، خاصة في الطائرات الصغيرة وطائرات رجال الأعمال، ويؤكد أن الاستثمار في أنظمة الأمان الذكية أصبح عنصرًا حاسمًا في تقليل المخاطر وتعزيز سلامة الركاب.
وبهذا الإنجاز، يسجل قطاع الطيران لحظة تاريخية جديدة، تُثبت أن التكنولوجيا الحديثة قادرة، عند الحاجة، على أن تحل محل العنصر البشري، وتحمي الأرواح، وتعيد تعريف مفهوم السلامة الجوية في القرن الحادي والعشرين.