رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

سر هروب ديليسيبس قبل الفجر

الثلاثاء 27/أكتوبر/2020 - 10:32 ص
محمد سلامة
محمد سلامة
محمد سلامة
طباعة


أبدأ المقال بسؤال موجّه لنخبة المثقفين ببورسعيد رموزنا الحلوة اللي مذاكرين التاريخ كويس وفاهمين تفاصيل الماضي والحاضر وبيستنتجوا الخطوط العريضة للمستقبل، وكان السؤال عن تمثال ديليسيبس، المهندس الفرنسي المسئول عن إنشاء قناة السويس اللي تم إسقاطه من على قاعدته على يد فدائيي بورسعيد تزامناً مع خروج آخر جندي من جنود الاحتلال من بورسعيد بعد العدوان الثلاثي على مصر 1956 م ، وده معناه أن التمثال كان رمزا سيئا لجرائم المستعمر واستعباده للمصريين البسطاء اللي مات منهم آلاف أثناء حفر القنال.. التمثال اللي فضل في المخازن أكتر من ٦٢ سنة، ولما بدأوا يرمموا القاعدة تمهيداً لرفع التمثال عليها أو جسّ نبض صوت جماهير الشارع البورسعيدي، وساعتها سمعنا آلاف الأصوات تستنكر إعادة التمثال للقاعدة، وقالوا إن ده إذلال لشعب بورسعيد، وسمعنا جماهير تانية بتطالب بإعادة التمثال على قاعدته في مدخل القناة شمال  بورسعيد؛ على اعتبار أنه مهندس عبقري غيَّر مجرى التاريخ وشكل خريطة الكرة الأرضية، وأهدى مصر حلم عمرها اللي رفع اقتصادها، وكتب اسمها على رأس الدول السياحية التجارية في العالم، وأن مهندس التصميم شيء، واللي بيتولى إدارة وتكنيك وآليّة التنفيذ شيء تاني، وأن المسئول عن أسلوب الإدارة وقتها هو الحاكم مش مهندس التصميم، وبناءً عليه بيطالبوا بعودة التمثال البريء من التهم المنسوبة إليه ورفعه على قاعدته علشان نفتخر بيه، ويكون سبب للترويج السياحي لبورسعيد.

ولما خرج التمثال متهرّب في عز الليل، وراح متحف الإسماعيلية، واتثبت على قاعدة هناك، قامت جماهير بورسعيد بثورة تستنكر خروج التمثال، وبتطالب بإعادته لمخازن بورسعيد مش لقاعدته!!

برغم أن ديليسيبس مهندس مشروع القنال اللي بتربط بورسعيد بالسويس مرورا بالإسماعيلية، يعني وجوده في أي محافظة من التلاتة أعتقد هيكون أمر طبيعي.

ولو التمثال اتسرق زي ما كتير من جماهير بورسعيد بيرددوا، كان أمين المخازن المسئول عن التمثال اتحاكم بتهمة الإهمال وايتحبس، لكن التمثال خرج من مخازن بورسعيد في اتجاه متحف الإسماعيلية بأمر مباشر من المحافظ، وشيء طبيعي أن تمثال ضخم وزنه 17 طن طوله (بدون قاعدته) 7 متر ونص، مصنوع من البرونز والحديد الأجوف أنه يتم تحريكه ونقله بهدووووء وبطء بعيد عن الزحام؛ للحفاظ عليه من أي تلف أو تحطم، يعني وقت الفجر هو أنسب وقت لتنفيذ المهمة.

وهنا أسأل سؤال محيرني:

هل كل محافظة تمتلك ما لديها من آثار؟ والدولة مش من حقها إعادة توزيع الآثار للتنشيط السياحي المتزن جغرافيًّا؟!

وإن كان الأمر كذلك، ليه صعيد مصر ما احتفظش بثلث آثار العالم اللي اتوزعت بين المتحف المصري في التحرير ومتحف العاصمة الإدارية وغيرهما؟

ولو احنا بنرفض رفع تمثال لأنه رمز للسخرة والاستعباد والاحتلال، كان يبقى من باب أولى نرفض

رفع تمثال رمسيس في الميدان؛ لأنه رمز أكبر للكفر والسخرة والتعذيب ومحاربة نبي الله موسى.

وللتوضيح فرعون موسى ونمرود إبراهيم  رموز للكفر؛ لأنهم عذبوا وحاربوا أنبياء برسالات إلهية لم يؤمنوا بها، مش لأنهم كانوا بيعبدوا الأصنام أو الشمس، أو بيألهوا نفسهم (قبل رسالات السماء).

انا نِفسِي ألاقي نموذج قياسي واحد أبني عليه الصح من الغلط واللي يجوز ولا يجوز، لكن ألاقي نص مثقفين بورسعيد بيحاربوا وجود التمثال، والنص التاني من المثقفين بيحاربوا لعودته! يبقى فيه شيء غلط ومش مفهوم.

أنا كإنسان بسيط باتحسس من خبراتهم وثقافاتهم، أعمل إيه وأرجع لمين يفهمني الحقيقة فين؟!


                                           
ads
ads
ads