رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

حقوق الإنسان وسر طاقية الإخفاء

الأربعاء 20/يناير/2021 - 08:32 م
الحياة اليوم
محمد سلامة - شاعر وموسيقار
طباعة


 

البخل أسوأ داء يتصف بيه بني آدم وأسوأ أنواع البخل بخل المشاعر اللي بيجفِّف الأرض البِكر ويقسيها، ويخلِّي الثعابين تسكن شقوقها، ويحرِم الكون مِن جمال عطائها في مواسم الحصاد.

وفي بوست على صفحة إحدى الصديقات، لقيتها بتقول: البنت عمومًا بتكره الراجل البخيل والغبى والبارد والكداب واللى بيريِّل على أى بنت. 

انتهى البوست، وعلشان كلامها عجبني، حبيت أوضّح شيء مهم، كل اللي فات متفق عليه ما فيش جدال لكن اللي بيريل على اي بنت ده شخص محروم، جعان تعبان بيعاني، زي اللي هتمووووت وتتجوز، باشوف حالهم نفس القطط اللي بتقف جنبِك وتنونو وانتي بتاكلي في مطعم

وطول ما انتي متجاهلاها ومش حاسة بوجعها، هتفضل تبص لك وتبحلق وتنونو أكتر، لحد ما تلفت انتباهك أو تثير غضبك.

لكن لحظة ما تفهمي هي ليه بتبص لك بالشكل ده، وترمي لها حتّة من اللقمة اللي في إديكي

اللي بتمزمزي فيها بمنتهى السعادة، لحظة ما تسكت وتتلهى في لقمتها وتنتهي أزمتها، وأول ما تحس بالشبع هتلف وتسيبك وتبعد، وتروح لحالها بهدووووء ورضا وتنتهي المشكلة.

المحرومين من جنس البشر زي الكلاب الضالة والقطط الجعانة، بتدوَّر في الزبالة على لقمة تسد جوعها، ربنا خلقها كده بتجوع وتعطش وتحزن وتفرح وتحس وتحب وتكره وتحلم بالشبع في بيت دافي وحضن رحيم، ولما تصبح أقصى أحلام كل ضاااااال هي أبسط حقوقه اللي ما بتتحققش، ماتستغربيش من رد الفعل مهما كان مرفوض أو بيزعجنا ويثير غضبنا.

أما بعد الجواز اللي ما تعرفش تنشف ريق اختيارها اللي بيريل على أنثى غيرها، تبقى عندها مشكلة ومش فاهمة أبسط فنون الحياة، ومش فاهمة إن العطشان غير الرَّيَّان، وإن اللي بيرتوي من العطش ما بيشربش نقطة زيادة عن احتياجه، وعلى قدر طول زمن العطش وذلّه، بيهتم العطشان بدرجة نقاء المية ومدى صلاحيتها، وياما ضحايا قبل ما تموت من العطش، اضطرت تشرب بولها علشان تعيش علشان ما فيش.

زمااااااان من 1500 سنة لما كانت الناس بتنام من بعد المغرب وبتصحى من الفجر تشتغل وتنتج،

كان الصيام بيحجم الشهوات. أما في زمن المثيرات بكل أنواعها والسهر للفجر ، وكل أدوات الإثارة متاحة مع قلة الدخل وضيق الحال وجشع الأسر في تكااااليف الفرح وما بعد الفرح، لازم نراعي تصرفاتنا اللي بنعملها بمنتهى الأنانية باسم الحرية؛ لأن الحرية المطلقة فوضى، ومن أمن العقاب أساء الأدب ، وانت حر طالما لا تضر، وحريتك هي التي تتوقف عند حريات الآخرين، وقبل ما نلوم إنسان ما لهوش في الحرام على نظرة تنفجر شهوة لإنسانة وقفت قصاد مرايتها أكتر من ساعتين

علشان تكون مثيرة للانتباه، نفهم طبيعة البشر ونحترم آدمية الإنسان، قبل ما نهتم بالقطط والكلاب الضالة؛ لأن الإنسانية مابتتجزأش.

وفي بلد قوامها ١١٠ مليون روح بتتعذب، لما تمشي بالمشواااااار وما تلاقيش "دورة مياه" تقضي فيها حاجتك الطبيعية كإنسان طبيعي، يبقى ما نلومش كلب جعان ضال على نظرة حرمان للقمة تسد جوعه في مجتمع بيتباهى بمحاسنه ومفاتنه ومش حاسس بمأساة المحرومين حواليه.

عمري ما أسخر من إنسان أو كلب أو قطة؛ علشان مؤمن بكلام ربنا اللي قال:

"وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم"، لكن باقول بأعلى صوتي وبحروف سوطي، للي لااااازم يسمعونا ويفهمونا: الرحمة دين، والإحساس نعمة، والسُّلطة مسئولية.

وكلّكم راعٍ وكلّكم مسئول عن رعيته، وفي غياب الإنسانية حدِّث ولا حرج.

                                           
ads
ads
ads