رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

محمود عبدالحليم يكتب: وماذا بعد؟ دعوة لمواجهة الواقع

الأربعاء 06/أغسطس/2025 - 01:27 ص
الحياة اليوم
طباعة

لا شك أن الانتخابات هي عُرس ديمقراطي يُفترض أن يعكس وعي وحضارة الشعوب، ولكن ما شاهدناه أمام اللجان الانتخابية في الآونة الأخيرة يثير تساؤلات جدية حول هويتنا الثقافية ومستقبلنا السياسي، لم تكن تلك الرقصات الصاخبة، والأغاني الهابطة، تعبيرًا عن فرحة شعب عظيم بتاريخ وحضارة تمتد لآلاف السنين، بل كانت رقصات لا تليق بقدسية الموقف ولا بعظمة الشعب المصري الذي علم العالم القيم والديمقراطية.
إن هذه المشاهد المؤسفة التي غلبت عليها الرقصات "المُستهلَكة" والمبتذلة، تُظهر فجوةً كبيرة بين ماضينا العريق وما يجري في حاضرنا، فهل يليق بشعبٍ بنى الأهرامات وقدم للعالم إرثًا حضاريًا لا يُقدر بثمن، أن تُختزل فرحته السياسية في هذه الممارسات التي لا تعكس أصالة ثقافته؟ وهل يُعقل أن تُصبح اللجان الانتخابية ساحةً للترفيه السطحي بدلًا من أن تكون منبرًا للتعبير عن الإرادة الشعبية الواعية؟
لقد آن الأوان لندور جميعًا، شعبًا ومسؤولين، حول طاولة واحدة، لا لنرقص، بل لنضع أسس واضحة بنائه تعيدنا إلى مسارنا الصحيح، تُعبّر عن وعي سياسي حقيقي، واحترام للمؤسسات الديمقراطية، وحرص على اختيار الأنسب والأكفأ، إن هذه الدعوة ليست للتشاؤم، بل هي دعوة صادقة لإعادة النظر في سلوكياتنا وطرق تعبيرنا عن الفرح والمشاركة السياسية.
ولكن، من المؤسف أن تلك الرقصات الصاخبة كانت مصاحبة لضعف في الإقبال، مما يتركنا أمام تساؤل آخر: كيف يمكن أن تحدث هذه المشاهد مع إقبال ضعيف؟ لقد رأينا أعدادًا كبيرة من البسطاء يشاركون في هذا الرقص، دون أن يكون لديهم أي معرفة بالمرشحين أو برامجهم الانتخابية، يدلون بأصواتهم دون أن يعلموا لمن، ولماذا، وكيف.. إنها حالة مؤسفة تبرز غياب الوعي السياسي، وتُظهر أن المشاركة لم تعد نابعة من قناعة، بل قد تكون مجرد استجابة لحظية أو مجاملة، هذا هو الواقع الذي وصلنا إليه للأسف الشديد، واقع يفرض علينا مواجهة حقيقية لأزمة الوعي قبل أي شيء آخر.
وفي سياق الإصلاحات الضرورية، يجب أن نُعيد النظر في هيكلنا التشريعي، فقد بات واضحًا أن هناك حاجة لإعادة صياغة أدوار المؤسسات السيادية، وفي هذا الصدد، يمكن النظر في مقترح إلغاء مجلس الشورى وزيادة عدد أعضاء مجلس النواب، هذا المقترح ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة دراسات عديدة ترى أن دمج الاختصاصات التشريعية في مجلس واحد، مع زيادة عدد أعضائه لضمان تمثيل أوسع وأكثر فعالية، قد يُسهم في تبسيط الإجراءات التشريعية وتسريعها، وتقليل النفقات، مما يعود بالنفع على الدولة والمواطن على حد سواء.
في النهاية، يبقى السؤال معلقًا في الأذهان: "وماذا بعد؟".. هل سنستمر في مشاهدة تلك الرقصات المستهلكة التي تُمحى معها هويتنا، أم أننا سنتخذ خطوة جادة نحو سياسات متزنة تعكس عظمة تاريخنا، وتُمهد لمستقبل يليق بحضارتنا العريقة؟
                                           
ads
ads
ads