رئيس قطاع براعم ناجح أم فاشل؟ إليك الفروق الصادمة

في عالم كرة القدم، تتشكل القواعد الصلبة لأي نادٍ ناجح من القاعدة الأساسية وهي قطاع البراعم. القطاع الذي يُعتبر ركيزة المستقبل ومصنع النجوم، لا يُبنى فقط على المهارات والمواهب، بل على إدارة ناجحة واعية تفهم معنى التأسيس وتؤمن بالاستمرارية. وهنا يظهر الفارق الجوهري بين رئيس قطاع براعم ناجح وآخر فاشل.
استقرار الأجهزة الفنية سر النجاح الحقيقي
من أبرز السمات التي تُميز رئيس القطاع الناجح، أنه يُدرك أهمية استقرار الأجهزة الفنية التي أظهرت كفاءة ونجاحات خلال الموسم المنصرم. فبدلاً من إجراء تغييرات عشوائية دون داعٍ، يُصر الناجح على تثبيت الأجهزة الفنية للموسم الجديد، مما يُساهم في زيادة الانسجام بين المدربين واللاعبين البراعم، ويُمكن الأجهزة الفنية من متابعة تطور اللاعبين الذين باتوا يعرفونهم جيدًا.
أما رئيس قطاع البراعم الفاشل، فهو يتجاهل هذا المفهوم الحيوي، ويُقدم على تغيير الأجهزة الفنية رغم نجاحها السابق، بدافع الارتجالية أو المجاملة أو أحيانًا تصفية حسابات شخصية، مما يُؤدي إلى هدم ما بُني من تناغم وانسجام داخل الفريق.
معيار الكفاءة أم "شلة الأصدقاء"؟
رئيس قطاع البراعم الناجح يضع الكفاءة والخبرة والرؤية الفنية كمعايير أساسية لاختيار أعضاء الأجهزة الفنية. لا مكان للمجاملة أو العلاقات الشخصية في قراراته، لأنه يُدرك أن بناء جيل موهوب لا يمكن أن يتحقق عبر المحاباة أو الواسطة، بل عبر العقول التدريبية القادرة على التطوير والابتكار.
في المقابل، يعتمد رئيس قطاع البراعم الفاشل على "شلة الأصدقاء" في تعيين الأجهزة الفنية. لا ينظر للكفاءة أو النتائج، بل يختار من يشاركه مصالحه الخاصة أو تجمعه بهم علاقات شخصية، وبالتالي يتحول القطاع إلى "دائرة مغلقة" لا تُنتج إلا الفوضى والشللية، ويُهدر النادي فرصًا ثمينة في بناء مستقبل مشرق.
من الأقوى: ولى الأمر أم رئيس القطاع؟
الفرق الجوهري الآخر بين رئيس قطاع براعم ناجح وآخر فاشل، هو مدى سيطرته على منظومة العمل داخل القطاع، فالرئيس الناجح يتمتع بشخصية قوية، يعرف كيف يُدير الأمور بحزم وعدالة، ولا يسمح لأي ولى أمر بالتدخل في قراراته أو الضغط عليه لاستمرار ابنه أو نيل امتياز خاص.
أما الفاشل، فهو ضعيف الشخصية، يُظهر خضوعًا واضحًا أمام بعض أولياء الأمور، ويسمح لهم أحيانًا بتسيير الأمور داخل القطاع. هؤلاء الأولياء يكونون في بعض الأحيان أقوى من رئيس القطاع نفسه، ويستخدمون نفوذهم أو تبرعاتهم أو علاقاتهم لفرض أبنائهم على المنظومة، ما يُشكل خطرًا كبيرًا على العدالة والتنافسية.
التعامل مع اللاعبين الموهوبين: احتواء أم استغناء؟
الرئيس الناجح لا يفرط في المواهب. بل يراها كنوزًا يجب الحفاظ عليها، حيث يسعى دومًا لدعم اللاعب الموهوب نفسيًا وفنيًا، ويُوفر له بيئة آمنة ومحفزة ليُبدع وينمو، كما يعرف أن كل لاعب مميز هو مشروع نجم في المستقبل، ويحرص على تطويره وتمهيد الطريق له للمشاركة في البطولات والمباريات الكبرى.
أما رئيس قطاع البراعم الفاشل، فتجده يتعامل مع المواهب بلا اهتمام أو حتى بتحيز ضدهم، خصوصًا إن لم يكونوا من أبناء معارفه أو المقربين. لا يملك من الخبرة أو القوة ما يُؤهله لاحتوائهم، بل قد يُقرر الاستغناء عنهم بطريقة مفاجئة وصادمة، مما يُفقد النادي فرصًا نادرة لبناء جيل مميز.
التبرعات والوساطة.. سُم القطاع
من أخطر ما يُمارسه رئيس قطاع براعم فاشل، هو قبوله لتبرعات من أولياء الأمور مقابل استمرار أبنائهم في القطاع، أو تمرير لاعبين لا يملكون المهارة المطلوبة فقط لأنهم "أصحاب واسطة"، حيث أن هذا السلوك يُمثل فسادًا إداريًا خطيرًا، ويُهدد مستقبل النادي والعدالة داخل القطاع، ويقضي على الروح التنافسية.
الرئيس الناجح، بطبيعة الحال، يرفض هذه الممارسات رفضًا قاطعًا. يؤمن أن البقاء يجب أن يكون للأجدر والأكفأ، لا للأقرب أو صاحب النفوذ، كما أنه يحارب هذه الظواهر ويُواجهها بالشفافية والمحاسبة، من أجل أن يبقى قطاع البراعم بيئة نظيفة تُفرز الأفضل فقط.
الاستماع إلى "خبراء الورق" لا "الميدان"
رئيس قطاع البراعم الناجح يُحيط نفسه بأشخاص عمليين، يمتلكون خبرة حقيقية في الميدان، وليس فقط شهادات أو ألقاب وهمية، كما أنه لا يتأثر بـ"الخبراء النظريين" الذين يُغيرون آراءهم بين يوم وآخر، ويُروجون لأنفسهم عبر الكلام لا الأفعال.
في المقابل، الفاشل يفتح أذنه لهؤلاء، ويعتمد على تقييماتهم المتقلبة، ويُقرر بناءً على رؤيتهم غير المستقرة، حيث أنه غالبًا ما يكون هؤلاء "الخبراء" مرفوضين من أندية الدرجة الرابعة أو حتى مراكز الشباب، لأن لا أحد يثق بقدراتهم الميدانية، ومع ذلك تجد لهم مكانًا في قرارات الفاشل!
الخلاصة: القيادة تفرق
النجاح في قطاع البراعم لا يتحقق بـالصدفة، بل من خلال رؤية واضحة، وإدارة عادلة، وشخصية قوية، تعرف كيف تبني، وتُخطط، وتُقيّم. رئيس القطاع الناجح هو حجر الأساس في أي منظومة ناجحة، بينما الفاشل يهدم كل ما يُبنى، ويُضعف أساس المستقبل، ويُجهض أحلام الأطفال قبل أن تولد.
إذا أردنا أن نرى كرة قدم حقيقية وننافس على البطولات، فلابد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومحاسبة كل من يُفسد هذه المنظومة.