رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

بوينغ تتأخر.. وإيرباص تحسم سباق الطائرات العابرة للأطلسي

الجمعة 07/نوفمبر/2025 - 01:44 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

على الرغم من التاريخ الطويل للمنافسة بين عملاقي صناعة الطيران التجاري بوينغ وإيرباص، إلا أن السنوات الأخيرة كشفت عن تحوّل مهم في موازين القوة داخل سوق الطائرات ضيقة البدن ذات المدى الطويل، وهو القطاع الذي يشهد اليوم طلبًا متزايدًا من شركات الطيران حول العالم. 

وفي هذا السباق، تبدو إيرباص متقدمة بخطوة واضحة عبر طائرتها A321XLR، بينما تواجه بوينغ تأخرًا ملحوظًا في تقديم منافس فعلي قادر على سد الفجوة التي تركها خروج طائرتها الأسطورية 757 من الخدمة الإنتاجية.

كانت طائرة Boeing 757 طوال عقود خيارًا نموذجيًا لشركات الطيران التي تحتاج إلى طائرة ذات جسم ضيق ومدى كافٍ للرحلات العابرة للقارات منخفضة الطلب، ومع خروج هذا الطراز من خطوط الإنتاج في منتصف العقد الأول من الألفية، بقيت السوق تعاني من فراغ في هذه الفئة.

وفي الوقت الذي اعتقد فيه كثيرون أن بوينغ ستبادر إلى إصدار خليفة للطراز، استغلت إيرباص الفرصة، واستثمرت في تطوير عائلة A321neo، وصولًا إلى النسخة الأبرز A321XLR، التي أثبتت قدرتها على الطيران لمسافات تصل إلى 8700 كيلومتر تقريبًا، مع تكاليف تشغيل أقل مقارنة بطائرات البدن العريض على نفس الخطوط.

تعمل هذه الطائرة على تمكين شركات الطيران من تشغيل:

  • رحلات عابرة للمحيط الأطلسي بأحجام ركاب معتدلة
  • خطوط طويلة ذات كثافة منخفضة كانت سابقًا غير اقتصادية
  • فتح مقاصد جديدة دون الحاجة لأساطيل كبيرة من الطائرات العريضة

إضافة إلى ذلك، تستفيد A321XLR من:

  • كفاءة وقود عالية
  • بنية تشغيلية مشابهة لأي طائرة A320 قياسية
  • تدريب وصيانة أقل تكلفة مقارنة بطائرات البدن العريض

هذه الميزات جعلتها نقطة تحول تجارية، حيث تمكنت إيرباص من اجتذاب شركات كانت تاريخيًا مرتبطة ببوينغ، مثل:

  • Icelandair
  • United Airlines
  • American Airlines
  • Air Canada

ماذا عن بوينغ؟

رغم الطلب الواضح على طائرة من فئة متوسطة الحجم بعيدة المدى، فإن بوينغ لم تطلق بعد مشروعًا واضحًا لسد هذه الفجوة. وكان الحل المحتمل هو مشروع New Midsize Airplane (NMA)، الذي تمت مناقشته على نطاق واسع منذ عام 2015، لكنه ظل حتى الآن مشروعًا نظريًا بسبب عدة عوامل:

1. الضغوط المالية

خصوصًا بعد:

  • أزمات 737 MAX
  • تراجع الطلب خلال جائحة كورونا
  • تكاليف التعديلات التنظيمية والهندسية

2. التحديات الهندسية

إعادة تصميم هيكل جديد يتطلب:

  • أبحاث مواد جديدة
  • تطوير نظم دفع متقدمة
  • إعادة هندسة كاملة لعمليات التجميع

3. الانتظار للجيل القادم من المحركات

بوينغ تراهن على محركات أكثر كفاءة تُتوقع في ثلاثينيات القرن الحالي، لكنها بذلك تترك السوق مفتوحة لإيرباص لسنوات.

737 MAX ليست الحل

على الرغم من تحديث سلسلة 737 MAX، فإن المدى والأداء لا يصلان لمستوى يسمح للشركة بمنافسة A321XLR في الرحلات العابرة للبحار. حتى النسخ الأحدث مثل 737 MAX 10 لا تزال تواجه قيودًا فنية وتشغيلية وتجارية.

أثر التأخير على مستقبل بوينغ

إن استمرار تفوق إيرباص في هذا القطاع سيؤدي إلى:

  • تثبيت شبكة تشغيل عالمية حول عائلة A321neo
  • تعزيز ولاء شركات الطيران لإيرباص على المدى الطويل
  • تراجع بوينغ عن موقع القيادة في سوق الطائرات الضيقة المتطورة

وتُظهر تحليلات السوق أن كثيرًا من شركات الطيران تخطط الآن لأساطيل طويلة الأمد تعتمد على A321XLR كحل استراتيجي، وليس كخيار مرحلي.

هل يمكن أن تتدارك بوينغ الموقف؟

الفرصة لا تزال قائمة، لكن الزمن عنصر حاسم. فإطلاق طائرة جديدة يتطلب عادة:

  • 7 إلى 10 سنوات من التطوير
  • استثمارات تتجاوز 15 إلى 20 مليار دولار
  • قدرًا كبيرًا من الجرأة الإدارية والهندسية

وبينما تتحرك إيرباص بثبات، تعتمد بوينغ على استراتيجية الانتظار والتحليل.

الصراع بين بوينغ وإيرباص لم ينتهِ، لكنه يشهد تحولًا هيكليًا في أحد أكثر القطاعات نموًا. إن عدم تحرك بوينغ قريبًا لتقديم تصميم جديد قد يجعل تفوق إيرباص في هذا المجال شبه دائم، وهو ما قد يغير ملامح المنافسة في صناعة الطيران لعقود قادمة.


الكلمات المفتاحية

                                           
ads
ads
ads