فنجال قهوة مظبوط
لو سُكَّرك نُص معلقة أو بدون سُكر خالص، هتشوف اللي بياخد 3 معالق سكر إنه إنسان غريب مش طبيعي. ولو سألتك: تحب قهوتك سادة ولا مظبوط، ولا سُكّر زيادة ولا على الريحة؟ ويا ترى بُن غامق ولا فاتح ولا وَسَط؟ أكيد مش هتطلب وتختار غير اللي يعدل مزاجك ويسعدك، مزاجك انت، مش مزاج أي حد غيرك.
وغيرك دول كتيييير قوي، منهم القريب ومنهم البعيد، وأذواقهم فيها كل الاختلاف عنك وعني وعن غيرنا .
هكذا كل ما يتعلق بأدق تفاصيل الحياة؛ لأن الجمال "ثقافة" ورؤية وتقدير نسبي يختلف من شخص لآخر، حسب كتير مفردات وكتير تفاصيل وكتير موروثات، واللي انت شايفه من وجهة نظرك سيئ وسطحي ورديء وباهت وشاذ عن المألوف، غيرك ممكن يشوفه قمة الجمال والروعة والإبداع، والعكس صحيح في كل التفاصيل، حتى في محلات العطور، ممكن تنبهر بعطر وتدفع فيه أي تمن، وغيرك ما يعجبهوش ويختار اللي ما عجبكش ويدفع فيه تمن غالي. علشان كده ساعات تشوف زوجة قمرررر متجوزة قرد أجرب (من وجهة نظرك انت)، لكن هي شايفاه أجمل فارس في الوجود، راجل حقيقي مالي عينها وبيسقيها السعادة مع كل نفس بتتنفسه. وساعات تشوف بُرص ماشي ما فيهوش ملامح إنسان، لكن هي في عيون حبيبها أجمل أنثى في الكون، نظرة منها بتحييه، وبيتنفسها عشق، ومش شايف في الوجود غيرها.
حتى الطريق وانت سايق سيارتك، كل اللي بيجري وبيسبقك بسيارته بتقول عليه مجنووووون ومتهوّر ومش خايف على عمره، وكل اللي إنت بتسبقه بتقول عليه باااارد وعلى قلبه مراوح زحلفة معطل الطريق بسرعته البطيئة.
مع إننا مُجرد "نقطة" على الطريق، بتتمحي وييجي غيرها ويتمحي.
علشان كده تعالوا قبل ما نغضب ونثور ونعترض ونتهكم ونشوِّه صورة شركائنا في الحياة؛ لمجرد إن رأيهم ورؤيتهم ورغباتهم وأهواؤهم مختلفة عنا، تعالوا نفترض حسن النية، ونفهم طبائع البشر، ونحترم آراءهم وتصرفاتهم مهما كان حجم اختلافنا؛ علشان لا نظلم ولا نجرح، ولا نكون سبب في أحزان إنسان بدون ذنب، ونكتشف بعد فوات الأوان واحنا في أمَسِّ الحاجة لرضا ربنا إن بحروفنا الغلط حطِّينا حسناتنا في كيس مخروم.
*********************************************
إبداعات أخرى للكاتب:
جنون المراهقين عباقرة المستقبل
