اختفاء لوحة أثرية من مقبرة «خنتي كا» بسقارة
أكدت وزارة السياحة والآثار المصرية أنها تتابع عن كثب ما تم تداوله مؤخرًا عبر عدد من المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن اختفاء لوحة أثرية نادرة من الحجر الجيري من داخل مقبرة "خنتي كا" بمنطقة آثار سقارة.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن جميع الإجراءات القانونية العاجلة تم اتخاذها فور علم الوزارة بالواقعة، مشيرًا إلى أن الملف أُحيل بالكامل إلى النيابة العامة التي بدأت تحقيقًا شاملًا للوقوف على ملابسات الحادث، والتأكد من سلامة المقتنيات الأثرية بالموقع.
لجنة أثرية لفحص المقبرة وجرد محتوياتها
أكد الدكتور خالد أن مقبرة "خنتي كا" كانت مغلقة بالكامل منذ اكتشافها في خمسينيات القرن الماضي، ولم يتم فتحها سوى مرات محدودة لأغراض علمية، موضحًا أن المقبرة كانت تُستخدم كمخزن للآثار منذ عقود، ولم تُفتح منذ عام 2019.
وأضاف أن الوزارة سارعت بتشكيل لجنة أثرية متخصصة برئاسة الدكتور عمرو الطيبي، المشرف العام على منطقة آثار سقارة، وذلك فور الإبلاغ عن الواقعة، حيث باشرت اللجنة أعمالها على الفور داخل المقبرة وقامت بـ جرد شامل ودقيق لجميع القطع الأثرية والمقتنيات المحفوظة داخلها، مع توثيقها بالصور والتقارير الفنية الرسمية.
وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن اللجنة أنهت أعمالها خلال وقت قياسي وقدمت تقريرها النهائي إلى المجلس في اليوم نفسه، ليتم تحويله على الفور إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة والتحقيق في الواقعة من جميع جوانبها.
النيابة العامة تبدأ التحقيق ووزارة الآثار تتابع الموقف
أكد الدكتور خالد أن وزارة السياحة والآثار تتابع سير التحقيقات الجارية بكل دقة، بالتنسيق مع النيابة العامة والجهات الأمنية المعنية، لضمان الشفافية الكاملة والكشف عن حقيقة ما تم تداوله بشأن اختفاء اللوحة الأثرية، مشددًا على أن الوزارة تتعامل مع مثل هذه القضايا بمنتهى الحزم والصرامة، باعتبارها تمس التراث القومي المصري الذي يمثل إرثًا إنسانيًا لا يقدر بثمن.
وشدد على أن أي تقصير أو إهمال من أي جهة أو فرد سيتم التعامل معه قانونيًا، ولن يُسمح بأي تجاوزات تمس مقتنيات الدولة الأثرية، لافتًا إلى أن الحفاظ على الآثار المصرية مسؤولية وطنية تقع على عاتق جميع العاملين في القطاع، سواء من الأثريين أو الفنيين أو الإداريين.
سقارة.. كنز أثري فريد تحت حماية الدولة
تُعد منطقة سقارة الأثرية واحدة من أهم المواقع الأثرية في مصر والعالم، إذ تضم مجموعة كبيرة من المقابر والمعابد والمصاطب الملكية، أبرزها هرم زوسر المدرج، أقدم بناء حجري ضخم في التاريخ.
ومقبرة خنتي كا التي دارت حولها الواقعة، تُعد من المقابر النادرة التي تعود إلى عصر الأسرة الخامسة، وتحتوي على نقوش ورسومات تصور مناحي الحياة اليومية في مصر القديمة، مما يجعلها ذات قيمة علمية وتاريخية كبيرة.
وأكدت وزارة السياحة والآثار أن المقبرة ظلت مغلقة بشكل محكم، وتخضع لإشراف دائم من قبل مفتشي الآثار بمنطقة سقارة، ضمن خطة تأمين شاملة تشمل تركيب كاميرات مراقبة حديثة وأنظمة إنذار مبكر لمراقبة المخازن والمواقع الأثرية على مدار الساعة.
إجراءات صارمة لحماية التراث الأثري المصري
وأوضح البيان أن وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار تواصل تنفيذ استراتيجية شاملة لحماية المواقع الأثرية من أي مخاطر، سواء كانت بشرية أو طبيعية، وتشمل هذه الاستراتيجية تطوير أنظمة المراقبة الإلكترونية، ورفع كفاءة الأمن الأثري، وتدريب العاملين على أساليب الحماية الحديثة.
كما أشار البيان إلى أن الوزارة تعمل على تحديث قواعد البيانات الرقمية للقطع الأثرية والمخازن باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتوثيق ثلاثي الأبعاد (3D Scanning) لضمان تتبع كل قطعة أثرية إلكترونيًا ومنع أي محاولات للتلاعب أو التهريب.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور خالد على أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على تراثها الحضاري الممتد عبر آلاف السنين، وتعتبره ركيزة أساسية لهوية الأمة المصرية ورافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني من خلال تنشيط حركة السياحة الثقافية.
التزام الوزارة بالشفافية والرد على الشائعات
وأكدت وزارة السياحة والآثار في ختام بيانها أنها تتعامل مع جميع الأخبار المتداولة بمنتهى الشفافية، وتحرص على الرد السريع على الشائعات التي تمس سمعة العمل الأثري أو مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن أي تطورات أو نتائج ستصدر من التحقيقات الجارية سيتم الإعلان عنها رسميًا من خلال القنوات المعتمدة.
كما ناشدت الوزارة وسائل الإعلام والمواطنين تحري الدقة فيما يتم نشره أو تداوله حول القضايا الأثرية، والاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة من المجلس الأعلى للآثار أو المكتب الإعلامي لوزارة السياحة والآثار، وذلك حفاظًا على المصداقية ومنع انتشار الأخبار غير الدقيقة.
