الطائرات الصينية قادمة إلى دبي.. كوماك تدخل التاريخ في معرض دبي للطيران 2025

في خطوة تُعد الأولى من نوعها في تاريخ صناعة الطيران الصينية، أعلنت شركة كوماك (COMAC) عن مشاركتها الرسمية في معرض دبي للطيران 2025، الذي يُقام خلال شهر نوفمبر المقبل، لتسجّل بذلك أول ظهور لطائراتها التجارية خارج القارة الآسيوية.
وتأتي هذه المشاركة لتؤكد طموح الصين في اقتحام الأسواق العالمية للطيران التجاري، ومنافسة عمالقة الصناعة مثل إيرباص وبوينغ.
تُعد مشاركة كوماك الصينية في معرض دبي للطيران حدثًا محوريًا في مسيرتها الدولية، إذ ستعرض الشركة أربعة طائرات من طرازات C919 وC909 ضمن العروض الثابتة والاستعراضات الجوية التي ستشهدها سماء دبي طوال أيام المعرض.
ويمثل هذا الحدث المرة الأولى التي تشارك فيها طائرات كوماك التجارية فعليًا في معرض عالمي خارج نطاق آسيا، ما يفتح الباب أمام فرص تعاون جديدة مع شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط.
يُعرف معرض دبي للطيران بكونه منصة تجمع أكبر صناع القرار في عالم الطيران، ومكانًا استراتيجيًا لعرض أحدث الابتكارات في صناعة النقل الجوي، حيث تسعى كوماك إلى استغلال هذا الظهور لتقديم نفسها كلاعب جديد في سوق الطيران الإقليمي والدولي، في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبرى نحو تنويع مصادر الطائرات التجارية وتقليل الاعتماد على المصنعين التقليديين.
تمثل مشاركة كوماك في معرض دبي للطيران فرصة استراتيجية لعدة أسباب:
- الانفتاح على أسواق جديدة: كوماك تهدف إلى دخول سوق الشرق الأوسط، الذي يشهد نمواً مطّرداً في حركة الطيران، ويضم ناقلات كبرى مثل طيران الإمارات، والاتحاد، والقطرية، والسعودية، وهي شركات تبحث باستمرار عن فرص التوسع والتجديد.
- المنافسة المباشرة مع العمالقة: الطائرة C919 تمثل أول منافس حقيقي لطرازات Airbus A320neo وBoeing 737 MAX، في فئة الطائرات ذات الممر الواحد، ما يجعل من مشاركة كوماك خطوة جريئة لمزاحمة الكبار في أحد أكثر القطاعات تنافسية.
- تعزيز الثقة بالمنتج الصيني: المشاركة في معرض عالمي بحجم دبي تعني أن الشركة باتت واثقة من جودة طائراتها، وأنها مستعدة لاستعراض قدراتها أمام جمهور دولي من الخبراء والمستثمرين.
هي جوهرة تاج كوماك، وطائرتها الرئيسية التي تراهن عليها الصين لتغيير خريطة الطيران التجاري. تعد C919 طائرة ضيقة البدن مخصصة للرحلات متوسطة المدى، تتسع لما بين 150 و190 راكبًا.
تتميز بتقنيات متطورة في الكفاءة الهوائية وتوفير الوقود، وتُعد أول طائرة ركاب صينية تُطوّر بالكامل وفق معايير المنافسة الدولية.
وقد بدأت أولى رحلاتها التجارية داخل الصين في عام 2023، لتصبح تدريجيًا رمزًا للصناعة الجوية الصينية الحديثة.
ورغم أن الطائرة لم تحصل بعد على اعتماد رسمي من هيئات الطيران الأمريكية أو الأوروبية، إلا أن كوماك تخطط لتوسيع نطاق اعتمادها قريبًا لتشغيلها في مزيد من الأسواق العالمية.
المعروفة سابقًا باسم ARJ21، وهي طائرة إقليمية مصممة للرحلات القصيرة إلى المتوسطة. تم تحديثها مؤخرًا لتواكب معايير السلامة الدولية، وتحمل اسم C909 في نسختها المطوّرة.
الطائرة تتسع لنحو 90 راكبًا، وتتميز بقدرتها العالية على الإقلاع والهبوط في المطارات الإقليمية الصغيرة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لشركات الطيران المحلية والإقليمية، حيث نفذت أولى رحلاتها الدولية في منتصف عام 2025، في خطوة اعتُبرت بداية التوسع الخارجي للشركة.
ستشارك كوماك بعروض جوية مباشرة تُظهر قدرات طائراتها في المناورة والكفاءة التشغيلية، إضافة إلى عرض ثابت يسمح للزوار بدخول الطائرات والتعرف على مقصوراتها الداخلية والتقنيات المستخدمة في أنظمة الطيران والتحكم.
كما ستستغل كوماك هذه المشاركة لفتح حوارات مع شركات الطيران في المنطقة حول فرص التعاون المستقبلية، سواء عبر صفقات بيع مباشرة أو برامج شراكة لتجميع الطائرات أو صيانتها داخل الشرق الأوسط.
رغم هذه الخطوات الطموحة، لا تزال كوماك تواجه مجموعة من التحديات في طريقها إلى المنافسة العالمية:
- نقص الاعتمادات الدولية: ما زالت طائراتها بحاجة إلى تراخيص كاملة من هيئات مثل EASA وFAA لتُسمح بتشغيلها في أوروبا وأمريكا.
- مشكلات سلاسل التوريد: تعتمد كوماك على مكونات من شركات أجنبية، مثل المحركات وأنظمة الملاحة، ما يجعلها عرضة لأي توترات تجارية أو قيود تصدير.
- قلة مراكز الصيانة العالمية: تحتاج الشركة إلى إنشاء شبكة دعم وصيانة دولية لضمان جاهزية الطائرات في الأسواق الجديدة.
- المنافسة القوية: شركات مثل إيرباص وبوينغ تمتلك تاريخًا طويلًا وثقة عالمية، ما يجعل اختراق السوق أمرًا صعبًا دون مزايا كبيرة في التكلفة أو الكفاءة.
إذا تمكنت كوماك من إقناع شركات الطيران الإقليمية بقدرات طائراتها، فقد يشهد سوق الطيران في الشرق الأوسط تحولًا تدريجيًا نحو تنويع الموردين، حيث أن الكثير من الناقلات تبحث عن بدائل توفر تكلفة تشغيل أقل دون التضحية بالكفاءة.
وقد يؤدي دخول الطائرات الصينية إلى تعزيز المنافسة على الأسعار بين المصنعين الكبار، مما ينعكس إيجابًا على شركات الطيران في المنطقة وعلى المسافرين في المستقبل.
تسعى كوماك من خلال مشاركتها في معرض دبي للطيران 2025 إلى ترسيخ مكانتها كـ«القوة الثالثة» في عالم صناعة الطيران التجاري، إلى جانب إيرباص وبوينج، حيث أن نجاحها في هذا الحدث قد يفتح أمامها الباب لعقود تصدير جديدة، وشراكات استراتيجية في مجالات التدريب والصيانة والتصنيع المشترك.
وفي حال تمكنت من تحقيق صفقات فعلية أو حتى جذب اهتمام المشغلين في المنطقة، فسيكون ذلك بمثابة شهادة نجاح على دخول الطيران الصيني مرحلة جديدة من العالمية.
وتمثل مشاركة كوماك الصينية في معرض دبي للطيران 2025 لحظة تاريخية في صناعة الطيران العالمية، وتؤكد أن الصين لم تعد تكتفي بدور المراقب، بل أصبحت لاعبًا فعّالًا يسعى لتغيير قواعد اللعبة.
الطائرات الصينية تحلق إلى دبي هذه المرة، لكنها قد تحلق قريبًا في أجواء الشرق الأوسط والعالم بأسره.