تراجع جواز السفر الأمريكي خارج قائمة الأقوى عالميًا لأول مرة: هل فقد هيبته؟

في تحول غير مسبوق في مجال تصنيفات جوازات السفر، خرج جواز السفر الأمريكي لأول مرة من قائمة أقوى عشرة جوازات سفر في العالم، حيث جاء هذا التراجع في الترتيب العالمي لعام 2025 وفقًا لمؤشر Henley Passport Index، وهو أحد أشهر التصنيفات المعتمدة عالميًا لقياس قوة جوازات السفر، بناءً على عدد الدول التي يمكن لحامل الجواز السفر إليها من دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول.
هذه الخطوة تمثل علامة فارقة بالنسبة للولايات المتحدة، التي كانت دائمًا ما تصدرت قائمة أقوى جوازات السفر، حيث تراجع جواز السفر الأمريكي إلى المركز الثاني عشر في التصنيف الجديد، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع، وكيف سيكون له تأثير على سمعة الجواز الأمريكي في المستقبل.
تفاصيل التصنيف الجديد لجواز السفر الأمريكي
وفقًا لمؤشر Henley Passport Index لعام 2025، يمنح جواز السفر الأمريكي لحامله إمكانية السفر إلى 186 وجهة من دون تأشيرة مسبقة، وهو ما يعد عددًا ضخمًا مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، ومع ذلك، لم يكن هذا كافيًا للحفاظ على موقعه ضمن المراتب العشرة الأولى، ليحل بدلاً من ذلك في المركز الثاني عشر، وهو تراجع غير مسبوق في تاريخ تصنيفات الجوازات.
في المقابل، تصدرت جوازات سفر دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، حيث يُسمح لحاملي جوازات هذه الدول بالدخول إلى 194 وجهة دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. وتعتبر هذه الدول الآن من بين الأقوى في العالم في حرية التنقل الدولية.
كما انضم إسبانيا، فنلندا، سنغافورة، وكوريا الجنوبية إلى قائمة الدول التي تملك جوازات سفر قوية، بينما واصلت الإمارات العربية المتحدة تقدمها المذهل، حيث دخلت ضمن أقوى 15 جوازًا عالميًا، وهو تقدم ملحوظ يعكس سياسة الإمارات الدبلوماسية والانفتاح الدولي.
أسباب تراجع الجواز الأمريكي: بين السياسة والجغرافيا
تشير العديد من التحليلات إلى أن تراجع الجواز الأمريكي في هذا التصنيف يعود إلى عدة عوامل جيوسياسية. ففي السنوات الأخيرة، تأثرت العلاقات الدولية للولايات المتحدة بسبب التوترات السياسية في عدة مناطق من العالمن حيث أن هذه التوترات قد أدت إلى فرض قيود على حرية التنقل للمواطنين الأمريكيين، مما ساهم في تراجع ترتيب جواز السفر الأمريكي على المستوى العالمي.
من بين هذه الأسباب، يمكن إرجاع بعض التراجع إلى سياسة الإغلاق التي تبنتها الولايات المتحدة خلال جائحة كوفيد-19. فقد أدت هذه الإجراءات إلى فرض قيود شديدة على حركة السفر والانتقال بين الدول، ما أثر بشكل مباشر على جواز السفر الأمريكي، علاوة على ذلك، شهدت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى تقلبات خلال فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب، مما أدى إلى فرض قيود إضافية على المسافرين الأمريكيين.
في المقابل، شهدت الدول الأوروبية و الدول الآسيوية تحسنًا ملحوظًا في علاقاتها الدبلوماسية على مستوى العالم. على سبيل المثال، أوروبا استفادت من تحسن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا و الشرق الأوسط، مما أدى إلى تسهيل تنقل مواطنيها حول العالم، كما أن الاتحاد الأوروبي ودول مثل اليابان و كوريا الجنوبية أصبح لديهم علاقات أفضل مع دول أساسية مثل الصين و روسيا.
كيف أثرت هذه التغيرات على ترتيب جواز السفر الأمريكي؟
إلى جانب التحولات السياسية، تعتبر الابتكارات في السياسة الخارجية ومبادرات الانفتاح الدبلوماسي من العوامل التي ساهمت في رفع ترتيب جوازات السفر الأوروبية والآسيوية، بينما ظلت الولايات المتحدة تركز بشكل أساسي على قضاياها الداخلية والجيوسياسية، حيث كان الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية يسعون لتوسيع مجالات التعاون الدولي وتنقل الأفراد عبر الحدود بشكل أكثر مرونة.
على سبيل المثال، كان جواز السفر الياباني، الذي يتصدر التصنيف، قد استفاد من سياسة الدولة في تعزيز الروابط الاقتصادية والسياحية مع دول العالم، بينما عملت دول مثل فرنسا وألمانيا على تعزيز الحريات المتبادلة داخل منطقة شنغن الأوروبية. كل هذه الجهود أضافت إلى قوة جوازات السفر الأوروبية.
هل جواز السفر الأمريكي لا يزال قويًا؟
على الرغم من التراجع الملحوظ لجواز السفر الأمريكي إلى المركز الـ12، فإنه لا يزال يمثل أحد أقوى جوازات السفر في العالم، فعلى الرغم من هذا التراجع في التصنيف، يبقى جواز السفر الأمريكي من بين أكثر الجوازات قيمة في ما يتعلق بالفرص الاقتصادية، فمواطنو الولايات المتحدة لا يزال لديهم القدرة على الحصول على فرص العمل في معظم أنحاء العالم، بما في ذلك في آسيا و أوروبا، كما أن جواز السفر الأمريكي يسهل الحصول على الإقامة الدائمة في بعض الدول الأخرى مثل كندا و أستراليا.
دور جواز السفر الإماراتي في هذا التصنيف
من جهة أخرى، يمثل تقدم جواز السفر الإماراتي علامة فارقة في عالم السفر. فقد نجحت الإمارات في تحقيق قفزات كبيرة في مجال السفر الدولي بفضل سياسة الانفتاح الدبلوماسي، والروابط التجارية المميزة مع العديد من الدول، ما جعل جواز السفر الإماراتي يحتل الآن موقعًا متقدمًا ضمن أقوى الجوازات العالمية، حيث يُتوقع أن تستمر الإمارات في هذا الاتجاه مع المزيد من التعاون الدولي، مما يعزز مكانة جواز سفرها في المستقبل.
ماذا يعني هذا التغيير للمسافرين؟
على الرغم من تراجع الجواز الأمريكي، فإن هذا التغيير قد لا يكون له تأثير فوري كبير على السفر اليومي للمواطنين الأمريكيين، ومع ذلك، قد يواجه بعض المسافرين الأمريكيين المزيد من الإجراءات الأمنية أو التعقيدات في بعض الدول بسبب العلاقات الدولية المتقلبة، وفي المقابل، تظل جوازات السفر الأوروبية والآسيوية أكثر مرونة فيما يخص السفر.
تراجع جواز السفر الأمريكي إلى المركز الـ12 في مؤشر Henley Passport Index لعام 2025 يعد بمثابة انعكاس للتغيرات السياسية والجيوسياسية التي تشهدها الساحة العالمية، ورغم هذا التراجع، يبقى جواز السفر الأمريكي من بين الأقوى عالميًا في ما يتعلق بفرص العمل، التعليم، والإقامة الدائمة.