طرح البحر
اسم شارع مِن أكبر شوارع محافظة بورسعيد، وهو الشارع الموازي لشط البحر الأبيض المتوسط، لكنّه اسم ليه معنى مهم، وللأسف كتير من الناس يجهله.
مِن المعروف إن الشواطئ على مستوى العالم مع مرور السنين ييحصل لها نَحر (تآكُل)، وبعد فترة من الزمن بتختفي مناطق ساحلية من على الخريطة للأبد، وده السبب اللي بيخلي بعض الحكومات تضع صخور وكتل اسمنتية ضخمة على ضفاف شواطئ البحار وبشكل عمودي عليها؛ لكسر حِدة الأمواج؛ بغرض الحفاظ عليها وحِمايتها من التآكل.
أما طرح البحر فيُقصَد به كل مايمنحه البحر للإنسان من خيرات الله: أسماك إسفنج مرجان لؤلؤ طيور مهاجرة... إلخ، ولكن كل ذلك ليس السبب الحقيقي للتسمية؛ فالسبب الحقيقي لتسمية الشارع بهذا الاسم هو أن محافظة بورسعيد تختلف عن أي مكان آخر على الساحل؛ علشان كده الطرح شيء تاني اأكبر وأثمن.
طرح البحر في محافظة بورسعيد أرض تزيد من المساحة الكلية للمحافظة، وتخلق شوارع جديدة ومساحات جديدة، وتجعل البنايات القديمة التي كانت في السابق
على البحر مباشرة تصبح في وسط البلد تقريبًا، فطرح البحر في بورسعيد هو تلك المساحات الجديدة من الأرض، التي يمنحها البحر للإنسان بمجرد انسحاب الماء للخلف، وليس له علاقة بالمد والجر.
أما الجزء الثاني فهو: ليه بورسعيد دونًا عن كل المناطق الساحلية، اللي بيحصل فيها طرح للبحر مش تآكل للشواطئ؟
والإجابة: بسبب اللسان الصخري الضخم (حاجز الأمواج الشرقي) اللي تم بناؤه
مع إنشاء قناة السويس، الحاجز الذي يفصل بين مجرى قناة السويس وشاطئ البحر الأبيض المتوسط. وهذا أولاً.
ثانيًا: بسبب مصب نهر النيل على الحدود الغربية للمحافظة، وبالتحديد دمياط،
فتقوم مياه النهر بنقل الطمي من جنوب وادي النيل وبطول الرحلة من أسوان رشيد ودمياط إلى البحر الأبيض، وتقوم حركة الأمواج الشمالية الغربية المتجهة إلى بورسعيد بنقلها الى الشاطئ، فيحدث ما يُسمَّى بالترسيب، ومع مرور السنين
يحدث ما يُسمَّى بـ "طرح البحر"، الذي قل بدرجة ملحوظة بعد بناء السد العالي؛ لحجز القدر الأكبر من الطمي خلفه.
وهنا توقفت عند قول الله: "مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخٌ لا يبغيان"، فلفظ "البحر" في القرآن يشمل البحر بمياهه المالحة والنهر بمياهه العذبة، والبرزخ في التفسير هو: إما مساحة صغيرة مشتركة بين بحرين، تسمح باختلاط الماء بينهما ذَهابًا وإيابًا، ولا تسمح بتجاوز البرزخ.
فهو حاجز من قدرة الله غير مرئي للبشر، وهذا محقق الوجود في بعض البلاد، مثل: التقاء نهر السنغال بالمحيط الأطلسي بجانب مدينة "سان لويس".
أو أن هذا الحاجز هو: اليابس من الأرض الفاصل بين الماء العذب والماء الملح، وأكد شدة حجزه بينهما بقوله "وحِجرًا مَحجُورًا".
والسؤال: "مرج البحرين"، أي بحرين يقصد القرآن تحديدًا؟ أم أن اللفظ في المُطلق على الجميع؟! ولِمَ لا تكون الآية مرتبطة بقصة سيدنا موسى مع الخضر ومجمع البحرين الذي حدث في زمن تيه بني إسرائيل مع نبي الله موسى في منطقة سيناء بين خليج العقبة وخليج السويس عند جبل الطور ووادي طوى؟
فالأسماك تهاجر من البحر للمحيط للنهر، وهكذا الغواصات والسفن تخترق وتجرف المياه، والتيارات المائية تتحرك في كل اتجاه، حتى مياه الجيربي بدمياط نهاية نهر النيل مياه مالحة، فإذا كان الماء جزءًا أصيلاً من الطمي، فهل يجب إعادة النظر في التفسير الصحيح لمعنى "بينهما برزخ لا يبغيان"، أم ماذا؟!
**********************************
أعمال أخرى للكاتب:
قصيدة: أبوس إيديك يا قلبي ارتاح
